تامر الزغاري
إنتصر العباسيون بمعركة طلاس ولاحقا خُلع إمبراطور الصين فطلب من العباسيين إعادته للحكم مقابل أن يكون تابعا لهم
إنتصار العباسيين على الصين في طلاس
بعد وصول العباسيين للحكم، قرروا محاربة الصين وذلك بسبب تصاعد النفوذ الصيني في آسيا الوسطى ولإستكمال حركة الفتوحات، فوقعت معركة نهر طلاس عام 751 م في زمن الخليفة العباسي الأول أبو العباس السفاح، وفيها أوقع الجيش العباسي هزيمة ساحقة بالجيش الصيني، وكانت أكثر المعارك توغلا في شرق آسيا.
وكانت البداية عندما أرسل الخليفة أبو العباس السفاح جيشا بقيادة والي الكوفة السابق زياد بن صالح الحارثي، فاستقر زياد في مدينة “مرو” وهناك وصلته قوات دعم من إقليم طخارستان -يقع هذا الإقليم في أفغانستان- وانضمت لقوات زياد بن صالح الحارثي والذي تقدم إلى أن وصل إلى طلاس التي تقع في قيرغيزيا اليوم.
وقرب نهر طلاس وقعت المعركة في يوليو 751م، حيث اشتبك الجيش العباسي وعدده 40000 مقاتل مع الجيش الصيني وعدده 100000 مقاتل وكان الجنرال جاو زيانزي هو من يقود الجيش الصيني، وكانت خفة حركة سلاح الفرسان العباسي هو سبب النصر، حيث نجح الفرسان العباسيين في حصار الجيش الصيني بالكامل وأطبق عليه الخناق مما أدي إلى سقوط آلاف القتلى من الجانب الصيني، وهرب جاو زيانزي من المعركة بعد أن خسر زهرة جنده.
وانتهت المعركة بمقتل 78000 صيني و 20000 أسير والذين لهم دور كبير في نقل صناعة الورق للعراق ومن العراق إنتقل للعالم، ونجى هربا من الجيش الصيني فقط 2000 مقاتل.
ونجحت الجيوش العباسية في فتح كامل قيرغيزيا بعد أن كانت جزء من الصين، كما نجحت الجيوش العباسية في فتح كامل التبت وتركستان الشرقية، وبهذا أنهت أحلام الصين في آسيا الوسطى، وتم صبغ تلك المنطقة بصبغة إسلامية.
الحكم العباسي للصين وتحكمهم بالعرش
في عام 756م نجح الجنرال الصيني آن لوشان في خلع إمبراطور الصين سو تسونغ وأعلن نهاية حكم سلالة تانغ الملكية، فهرب الإمبراطور الصيني واحتمى بجبال تشين الوعرة، وهناك بدأ بتنظيم أنصاره، وأرسل رسالة نجدة إلى الخليفة العباسي الثاني أبو جعفر المنصور يطلب منه المساندة والمساعدة العسكرية لإعادته وإعادة أسرة تانغ للحكم وذلك بعد أن خلعه الجنرال لوشان.
فأرسل المنصور قوة منتخبة بين ثلاثة آلاف وأربعة آلاف فارس، وكانت القوة مزودة بسيوف قاطعة لم يسبق للصينيين أن استعملوها، وانضمت القوة إلى الحرس الإمبراطوري – في المعركة ضد القوات المتمردة – ودحرت المتمردين وانتحر قائدهم الإمبراطور مغتصب العرش، وأصبح الحرس العباسي هو صاحب النفوذ والمتحكم بالعرش، حيث أعادوا الإمبراطور سو تسونغ وأسرة تانغ للحكم عام 757م.
وبهذا أصبح الحرس العباسي الذي يأخذ أوامره من الخليفة العباسي هو الذي يحدد من يتولى منصب إمبراطور الصين، والذي كان تابعا للخليفة العباسي ويحمل لقب خان أو خاقان، وأمر الخليفة المنصور أن يبقى الحرس العباسي مستقرا في الصين وزاد عددهم عام 760م بعد أعمال إنتقامية قام بها أنصار الجنرال المتمرد ضد التجار العباسيين في الصين.
وحدثت في الصين حركات تمرد ضد العباسيين أهمها عام 874م و884م، حيث إعتبر المتمردين الصينيين بأن الصين محتلة من الدولة العباسية، فكانت أغلب هجماتهم موجهة للتجار العرب، والموانئ التي يسيطروا عليها.
واستمرت تبعية الصين المباشرة للعباسيين حتى عام 937م وذلك عند نهاية حكم أسرة تانغ بشكل نهائي، والذي بدأ تصدع حكمهم عام 907م، لتكون هذه نهاية إحدى أهم صفحات المجد للأمة.
•••
المصادر:
1) A History of China, Wolfram Eberhard
2) The Cambridge Illustrated History of China, Patricia Buckley Ebrey
3) الكامل في التاريخ، ابن الأثير
4) العلاقات بين الدولة العباسية والصين في العصرين العباسيين الأول والثاني، يوسف صقر
5) المستطرف الصيني، هادي العلوي
6) A History of Chinese Muslims, Shouyi bai
•••
المؤرخ تامر الزغاري.