بين “تصفية” الدم.. و”تصفية” البلاد.. وخطر “تصفية” المواطنين بفعل نقص الغذاء والدواء..
عبد اللّطيف درباله
كلّما حصلت أزمة أو نقصت أو اختفت سلعة بالبلاد.. أو ارتفعت أسعارها.. إلاّ وخرج علينا قيس سعيّد لينفي جملة وتفصيلا كلّ الحقائق على الأرض..
فمرّة يقول لنا سعيّد بأنّ الأزمة مفتعلة ومرّدها مجرّد تلاعب أو احتكار أو “مسالك التجويع” أو رغبة من التجّار في الإثراء أو مؤامرة من خصومه ومعارضيه ومن الأحزاب ومن القوى السياسيّة المضادّة لمساره..
ومرّة ينكر الأمر برمّته فينفي وجود الأزمة أو النقص أو الفقدان أصلا.. ويكذّب ما يشتكي منه ويعانيه المواطنون ويراه الشعب يوميّا رؤيا العين..
إنّها حالة إنكار عبثيّة غريبة لا يصدّقها عاقل.. تدلّ إمّا عن تلاعب متعمّد بالحقائق وتزييف للواقع المعيش من طرف رئيس الجمهوريّة..
أو تدلّ عن حالة وهم متفاقمة تصيب الرئيس سعيّد أصبحت أقرب للحالة المرضيّة المحيّرة..
يعني رئيس الجمهوريّة يكذّب ما يعيشه المواطنون بأنفسهم يوميّا من فقدان أو نقص مواد أساسيّة مثل الحليب والزبدة والسكّر والقهوة وبعض أنواع الوقود وسابقا الفارينة والمعجّنات.. وكذلك فقدان ما يقارب 700 نوع من الأدوية أصدرتها نقّابة الصيادلة في قائمة رسميّة بالأسماء.. بعضها أدويّة حيويّة يهدّد غيابها بالتسبّب في وفاة سريعة للمرضى أو تفاقم مرضهم أو ازدياد آلامهم ومعاناتهم أو تعقّد وتدهور حالاتهم..
بل وصل الأمر بالمؤسّسات الصحيّة المختصّة في تصفية الدم إلى الإعلان الأسبوع الماضي عن أنّها ستضطرّ في ظلّ الظروف الحاليّة إلى التوقّف عن تقديم العلاج فيما يخصّ تصفية الدم نتيجة غياب المواد والأدوية الأساسيّة اللاّزمة لذلك.. بما يعني عمليّا خطر وفاة مئات المرضى في وقت وجيز..
فخرج عليهم رئيس الجمهوريّة قيس سعيّد اليوم بمناسبة زيارته لوحدة استشفائيّة جديدة بجندوبة لينفي كعادته كلّ ذلك.. ويقلب الحقائق بممارسة هوايته الرديئة المملّة في التلاعب بالكلمات وقلب معانيها عبر الأوزان.. ويتحدّث عن ضرورة تصفية البلاد كردّ عن إعلان أزمة تصفية الدم..!!!
بعيدا عن “تصفية” البلاد و”تصفية” الدم.. هل يحتاج قيس سعيّد إلى مبدأ “تصفية” المواطنين التونسيّين نَفَرْ نَفَرْ.. إمّا بسبب غياب الدواء.. أو بسبب غياب الغذاء.. أو الاثنين معا.. حتّى يصدّق فعلا.. أو يعترف.. بحجم وطبيعة وحقيقة الكارثة التي يغرق فيها الشعب التونسي يوما بعد يوم في ظلّ حكمه وعهده غير “السعيد”..؟؟!!