الوطد صناع الكذب وتجار المآسي

(نفق لطفي وحفرة ماميّة)

نور الدين الغيلوفي 

لماذا هذه التفاهة؟
لصرف الأنظار؟ ربّما
للعبث بالعقول وخلط الأمور؟ ربّما
للتغطية عمّا لا يعلمه الناس ويريد له هؤلاء الكذّابون أن يمرّ خلسةً؟ ربّما
كلّ ذلك ممكن…

ولكن
يبدو لي أن هذه الأكاذيب العارية ليست سوى استراتيجيا يعتمدها اليسار ضدّ حركة النهضة وقياداتها لأجل إقصائها عن المشهد بعد أن عجزوا عن منازلتها في جميع الاستحقاقات الانتخابيّة.
اليسار التونسيّ عموما يعلم ألّا شعبية له بين الناس ولا مطمع لهم في الحكم ولكنّهم يريدون من يحكم لهم، لذلك فهم وظيفيون يبسطون ظهورهم لمن يحكم بهم.. وليس لهم من غاية غير استئصال حركة النهضة التي نافستهم على الجامعة في ثمانيات القرن الماضي وغلبتهم.

انتهزوا فرصة انقلاب بن علي على بورقيبة فألقوا بأنفسهم بين قدمية فصار يحكم بهم لهم حتّى لقد ظننتُه من سلالة الوطد.. والقرائن على ذلك كثيرة.
لا أحبّ استدعاء التاريخ لمجرّد اجترار ما قيل بل أكتفي بتلك الأخبار التي وُضعت قرائن لإدانة النهضة وسحل أبنائها في زمان بن علي.. لقد اختلق الوطد أكاذيب وحبكوا سيناريوهات استعملها بن علي في تشويه قيادات النهضة وإدانتهم.. ومن حظّ علي العريّض أنّه كان دوما في الواجهة لتلقّي الكدمات كأنّ القدر انتدبه لذلك.

علي العريض

الوطد كانوا وراء محنة حركة النهضة التي عانتها في عهد بن علي.. كانوا وراء المحنة بجميع تفاصيلها بالأخبار الزائفة والتهم المفبركة والإدانات الظالمة.. ولقد نجحوا فعلا في إلقاء حركة النهضة وراء الشمس.
تبدّلت الأحوال وثار الشعب على بن علي وتغيّر كل شيء.. وبقيت دار الوطد على حالها وليس في الدار غير شيء واحد هو (الوشاية بحركة النهضة للظفر بحاكم يستعملهم في الحكم).
لم يتركوا علي العريّض بل ظلوا يلاحقونه ينسجون الأكاذيب في حقّه ويفتلون حبال التهم لأجل العودة به إلى حيث ألقوا به أوّل مرّة.
ولكن لأنّ خيالهم ضعيف ولأنّهم بلا أفكار فقد ظلّوا يدورون في حلقتهم القديمة.. يصنعون أكاذيب بمقياس الفيديو القديم في زمان الانفجار الإعلاميّ.. وهم في ذلك أشبه بأهل الكهف يتداولون عملةً لهم قديمةً ما عاد يتداولها من العقلاء أحد.

لقد قدّم هؤلاء اليسار خدماتهم لبن علي عندما فبركوا للنهضة فيديوهات وملفّات استعملها ضدّها ليستمرّ متسلّطا ربع قرن من الزمان…
وهم الآن يعيدون الكرّة مع المنقلب بعد أن خلّصهم بانقلابه منها.. وهم أنفسهم ورثةُ مقولة (التاريخ لا يعيد نفسه إلّا على شكل مأساة أو مهزلة).
الوطد الذين كانوا سبب مأساة تونس في زمن الدكتاتورية لن يكونوا أكثر من كومبارس المهزلة في زمان الانتقال الديمقراطي.

نقطتان أتمّ بهما المقال:

  1. لو أنّهم اختاروا شخصا آخر لأعنّاهم بعبارة (يمكن) ولكن مع علي العريّض نقول لهم “يبطى برشا”.
    ألأنّ العريّض منزَّه؟
    لا..
    ولكن لأن من لبس زيّ الإعدام هانت عليه الحياة.. ولا يمكن أن يحفر نفقا يهرّب إليه الديامنت من حفرة وهو بلباس الإعدام.
    الحفرة لصاحبتها والنفق لصاحبه.
  2. أظنّ أنّ عشرية الانتقال أعطت فرصة لهؤلاء الوطد لكي يندمجوا في العقل ولكنّهم يأبَون إلّا أن يعيدوا سيرتهم الأولى ويعملوا وشاةً لسلطة دكتاتورية تخلّصهم من خصم عجزوا من منافسته في منازل الشرف.
    أظنّ أنّ الوطد إن هم أُبقوا على حالهم لم ينشروا غير فساد ولم يزرعو سوى فتنة..

وقد وجبت الرأفة بهم ومعالجتهم باعتبارهم مرضى.

Exit mobile version