أبو يعرب المرزوقي
زعيم جبهة الإنقاذ يتبنى موقف الدمية. فهو يسلم بوفاة دستور الثورة. مقترحه للحل بعد الشغور في الرئاسة لا يستند إليه: فيكون باحثا عن حل يرضي فرنسا لينافس حزبها القوي في البلاد.
ومعنى ذلك أنه يكرر خطته التي اتبعها في بداية الثورة لكنه احتاج بخلاف المرة الأولى إلى ركوب “شعب النهضة” بعبارة المرزوقي. وهو الآن بدأ يتنكر لمن أعطاه منزلة المرزوقي في دور الدارقة.
لم يقل لنا شيئا عن الأساس الدستوري لسد الشغور بالقاضي بدلا من رئيس المجلس في دستور الثورة كما حصل بعد وفاة السبسي وحصول الشغور الذي اوصل الدمية لكثرة “المتناقزين” على الترشح.
نصحت النهضة بعدم قيادة المقاومة في البداية حتى لا يستفيد الدمية من الادعاء بأن من يعارضه يقتصر على الإسلاميين فينال بذلك مساندة كل زعماء الثورة المضادة في الداخل والخارج.
كما نصحت باستقالة الغنوشي من رئاسة المجلس حتى لا يبقى لأحد حجة في حالة شعور منصب الرئاسة لعلمي أنه لا احد في تونس يقبل برئاسته ولو لساعة.
ثم إني حملته مسؤولية لا تقل عن مسؤولية الدمية في مآل الثورة لأنه ذو دور انقلابي حتى في حزبه لا يختلف عن دور الدمية في تونس وهما انقلابان أديا إلى النكبة الحالية.
لا ننسى أنه افشل ترشح مورو ودعا للتصويت للدمية وجرى وراء التحالف مع البسكلات والبرميل. وكل ذلك يعلم القاصي والداني أنه ليس لمصلحة تونس بل هو حب في السلطة التي آلت إلى التسلط حتى في حزبه.
ذلك ما اقترحته منذ تطبيق الفصل ثمانين بالتأويل التحكمي لأغبى “مساعد” في القانون الدستوري حتى يجتمع المجلس ويعين بديلا من الغنوشي يمكن أن يتولى سد الشغور في حالة حصوله.
وقد اقترحت نائبة الرئيس الحالية لهذا الدور فلا تبقى للنواب حجة في الإحجام على الاجتماع لعزل الدمية. وكان يمكن أن يتم ذلك دون حاجة لاجتماع فعلي للمجلس بل كان يمكن أن يحصل بتقنيات التواصل عن بعد.
كما أن زعيم الاتحاد عاد إلى خرافة دوره بدعوى أن مشروع الدمية بات واضحا ولم يعد كافيا لكنه يريد المحافظة عليه ونجدته بالحوار ولا يطلب إلا استرداد دوره المشؤوم جنيس المرة السابقة.
وإذا كان قائد الجبهة يريد ترضية فرنسا فإن قائد الاتحاد يضيف إليها ترضية إيران لأن قياداته منقسمة بين سبابة الوطد وقوادة البرميل. لذلك فتونس لم يعد لها من مفر غير ما آل إليها أمرها من الكساح العام في طبقتها السياسة والنقابية فأكبر حزب صار كسيحا لأن قياداته هي التي أسهمت في وجود الدمية وسبقته في الانقلاب على شروط الشرعية فيه أولا ثم التحالف مع افسد ما يوجد في النخب السياسية:
من البداية المشؤومة في الترويكا وما ادراك ما الترويكا إلى الغاية التي ساعدت الشاهد على الانقلاب على الباجي. إلى الذروة المذمومة التي نصبت الدمية بالدعوة للتصويت له وحتى من خرجوا من الحزب سواء قبل النكبة الحالية -الائتلاف- أو بعدها حزب الإنجاز فإنهم باتوا توابع لجبهة الإنقاذ لأنهم ليس لهم القدرة على تحريك الجماهير مثلهم مثل الجبهة وكلهم يستغلون من يسمونهم قطيع الإسلاميين.
وأكبر منظمة نقابية تفككت مثل المافية السياسية بعد سقوط بن علي وهي ساقطة منذ بداية سقوط الدمية. وستنهار في كل الأحوال لأن المزية الوحيدة للدمية تتمثل في جعل العملية الجراحية التي ستقضي عليه هي المخرج الوحيد لفساد شروط التنمية بسبب عطالة افسد نقابة عرفها التاريخ.
وإذن فالمخرج من أزمة تونس بات مترددا بين توجهين كلاهما شؤم على مستقبلها. فالمخرج سيكون إما بقيادة شيعية أو بقيادة يعقوبية أو بهما معا وهو ما توقعته لما وصفته بكونه لبننة تونس:
والأول شرطه تواصل التعفن إلى الانفجار والفوضى مثل لبنان وسيطرة ما يشبه حزب الله إذا كان الدمية قد جهز حشده: وهو ما لا أستبعده.
والثاني شرطه التدخل الخارجي لتحريك القوة الصلبة لاسقاطه لأن التعفن الذي ينتج الحل الإيراني خسرته فرنسا في لبنان ولا تريد تكراره في تونس.
ومشكل الجزائر أنها مترددة بين هذين الحلين. لكنها مستعدة للتعامل مع اول الغالبين لانها هي بدورها -ولعل قياداتها لا تعلم- تعاني من نفس التدخلين: فإذا واصلوا هذا السلوك فهم أيضا سيتلبننون.