تدوينات تونسية

افتكاك البرلمان البديل الحقيقي لإسقاط الانقلاب

أبو يعرب المرزوقي 

مهما كان عدد القضايا التي لفقت ضدي لن يحول ذلك دوني والقول إن الانقلاب لن يسقطه التظاهر أمام المسرح. فهذه مسرحيات تشهد له كما يريد ولا تشهد عليه خاصة ومن يقودها لا يمثل قاعدة شعبية فعلية.

الحل الوحيد هو الإقدام على افتكاك البرلمان قبل الانتخابات المهزلة. ومن دون ذلك يكون التظاهر لفائدة مسيلمة الكذاب. ولنا مثال في ما حصل أخيرا في أحد أقطار أمريكا اللاتينية. فالتظاهر في قلب العاصمة لا فائدة منه وهو يضفي على المنقلب الشرعية التي يدعيها بدعوى عدم منع حرية الرأي والتظاهر. المظاهرة شهادة زور لصالحه ولن تغير من الوضع.
المفروض ألا تقع مظاهرة يوم عشرة في شارع الحبيب بورقيبة بل ينبغي التوجه الى البرلمان وفتحه عنوة لأن غلقه غير شرعي.

وتلك هي الطريقة الوحيدة التي ستحقق هدفين دعوت إليهما من البداية:

أولا: إجبار الجيش والأمن على بيان موقفهما الحقيقي. هل هما مع المنقلب أم مع الشعب. والمعلوم أني اعتقد أن الجيش على الأقل سيكون مع الشعب عندما يراه حقا يطلب الحرية ولا يستكين للعبودية كما فعل في المرة السابقة.

ثانيا: إجبار من يزعمون قيادة المقاومة على الخيار بين المراهنة على الثورة والبحث عن حل وسط مع المنقلب وفرنسا: إذا كانوا يريدون حقا مواصلة الانتقال الديموقراطي فلا بد من الإقدام والقبول بالكلفة السياسية.

كل مظاهرة في شارع بورقيبة تأييد للانقلاب ومده بحجة أنه ديموقراطي ويسمح بالمعارضة وخاصة إذا كان من يقودها عديم القاعدة الشعبية حتى لو انضم اليهم الأسفار الخمسة الذين يتدايكون بعددهم الصفري وهم من أمد في عمر الانقلاب.

ولا أثق في عنتريات اتحاد المافيتين القومية والوطدية: فهؤلاء لهم ساقان واحدة مع المنقلب ومن يحميه أي فرنسا وإيران وأخرى مع الترتيب للعودة إلى سقط الزعم بانهم هم من أنهاه تماما كما فعلوا في الموجة الأولى.

ولا اعجب من سكوت الجامعيين ونقابة التعليم بمستوياته كلها: فمن يسيطر عليهم هم افسد يسار عرفه تاريخ البشرية. والظاهرة ليست جديدة. الجديد فيها هو افتضاح عمالتها لمؤسسات لا يتوقفون عن التعبير عن احتقارهم لأصحابها.
فهم لم يبقوا قادرين على إخفاء تبعيتهم لممولي التبعية: كانوا يخفونها بزعم الحداثة لما لم يكن التمويل مفضوح المصدر. لكن منذ أن اعلن أعداء الثورة عن تصديهم بأنفسهم لأثرها عليهم علم الجميع أنهم ليسوا عبيد الحداثة الغربية بل هم عبيد “حب النقود بلا حدود” التي يسمونها مؤمنون بلا حدود.

والأمر ليس مقصورا على بلاد العرب التي حدثت فيها أحداث الربيع. فحتى التي تجنبته مثل المغرب والأردن وأصحاب الثروة البترولية فإن مثقفيهم افتضح أمرهم كذلك. فهم بدعوى التفرغ “للعلم” أو “للفلسفة” أو “للنقد الديني” كانوا من المعارضين في النهار والعملاء في الليل.

بمثل هذه النخب يصعب أن تنجح الثورات. كل الثورات التي حصلت في الغرب كانت بقيادة المفكرين وريادتهم. عند العرب الثورة المضادة هي التي تقودها النخب المرتزقة من جنس من يعيشون على فتات المافيات الحاكمة المحتمية بالمستعمر ضد شعوبهم.

اترك رد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock