منجي الفرحاني
عزيزتي كريستين، أما وقد فرقنا مونديال قطر ومعركة شعار ترينه حبا وحقا وعدلا ولا أراه قطعا كذلك، فقد آن لأبي حنيفة أن يمد رجليه..
ولأن رسالتي مفتوجة أبدؤها بتقديم يليق بك، أنت امرأة حسناء ومثقفة ومتحررة وحنون.. لطالما سحرتني أمواج بحر عينيك الزرقاوين حتى بات حلم الغرق فيهما يراودني رغم أن تجربتي علمتني الحذر من بحر الشمال وعرائسه البديعة.
حسناء لأنك فعلا كذلك.. مثقفة لأنك أنت من تكررين ذلك.. متحررة لأنك تظنين ذلك.. حنون لأنك فعلا مع بني الحيوان كذلك.
فعندما يمرض كلبك، تسهرين على راحته ليلا ونهارا، تأخذينه إلى طبيبه الخاص إن لزم الأمر، تبكين عندما ترينه يتألم، تحاورينه بلغته حتى أشك أنا من منكما الكلب؟
أما أنا فكما تعلمين، رجل عربي مسلم شرقي من صحراء الربع الخالي.. حياتي هي فعلا كما ترينها أنت في ربع دماغك الخالي جمال وخيمة ونساء وكثبان رمل وتخلف وإرهاب وكباب حيات تسعى أقرأ عليها من معلقات أجدادي الشعرية فتراقصني في مشهد يعجب من يزورنا منكم سائحا مشبعا بأفكاره المسبقة عنا..
لن أنكر أن حبات الرمل الساخنة لا تزال تجري ساخنة في دمي منذ قرون بعيدة ولا أنها كانت وستظل تغويك وتكسر أنفتك وما تسمينه تحررك..
عزيزتي كريستين لنتكلم عن الحب في حملتكم الغربية المشبوهة في عيني والتي سميتموها حب واحد “one loveّ”..
هي فعلا كلمة يتيمة واحدة في لغتكم.. جرمانية كانت أو لاتينية أو سلافية.. وسأركز معك على الإنجليزية التي تجمعنا.. تحبون فتستعملونها “اي لوف يو” “I love hou”، تمارسون الجنس حبا أو شهوة تقولون “مايكنغ لوف” “making love”.. ثم لا تتسع لغلتكم لغير الحب شعورا وممارسة..
جلف الصحراء العربي هذا عزيزتي له لغة تفصل أصناف الحب تفصيلا:
الحبّ عندنا تَتَيُّم.. تَعَشُّق.. تَعَلُّق.. تَلَطُّف.. تَوَلُّه.. شَغَف.. صَبابَة.. عِشْق .. غَرَام.. كَلَف.. لاعج.. لَوْعَة.. مَحَبَّة.. مَعَزَّة.. مَوَدَّة.. مَيْل.. مُصَافَاة.. هَوى.. هُيَام.. وَجْد.. وَداد.. وَلَع.. وَلَه.. وُدّ.. وُلُوع.. وِداد والقائمة تطول، ناهيك عن الحبّ بكسر الحاء.. أما إذا كرهنا فلبغضنا مرادفات كثيرة أيضا فلا تستفزينني حتى أبغضك.. أكرهك.. أمقتك وتكتفين حينها بالرد الوحيد لديك أنا أكرهك “آي هايت يو”..
عزيزتي كريستين، الحب عالم فسيج جميل راق يحلق بعيدا عن الغرائز البهيمية وأنتم تريدون حشره في ألوان قوس قزح التي ربطتموها بالمثلية الجنسية فأصبحت تلك الألوان حكر فئة دون غيرها.. لا أظن الكون سينجلي لو احترمتم أنتم الإختلاف في نفس موضوع عليه اختلاف كبير في عالمنا..
فرقتم بين بلدان العالم في مونديال قطر.. أنتم هذى المرة القلة التي تريد فرض ما تراه هي حق وعدل وإنسانية ولكن هيهات العالم لم يعد يثق فيكم ولا في مبادئكم.. ستقولين لماذا؟ ببساطة لأن نفاقكم أصبح يزكم الأنوف.. وعالمنا الذي أصبح قرية لا تخفى فيها خافية لم يعد في حاجة الى دروس أخلاقوية منكم، أيها الغرب..
كدتم تفرقون بيني وبين ابني الذي هو مني ومنكم حيث اختلطت فيه حبات رملي الساخنة بجليدكم القارس، لولا استحضاري لهذه الحادثة من تاريخ أجدادي وإخراج ما حشوتموه في دماغه من أكاذيب حول مونديال قطر..
أرسل معاوية بن سفيان خليفة المسلمين أيامها إلى الأحنف بن قيس فقال: يا أبا بحر، ما تقول في الولد؟
قال: ثمار قلوبنا، وعماد ظهورنا، ونحن لهم أرضٌ ذليلةٌ، وسماء ظليلةٌ، فإن طلبوا فأعطهم، وإن غضبوا فأرضهم، يمنحوك ودّهم، ويحبوك جهدهم، ولا تكن عليهم ثقيلًا؛ فيملوا حياتك، ويحبوا وفاتك.
فقال معاوية: لله أنت يا أحنف، لقد دخلت عليّ وإني لمملوء غضبًا على يزيد، فسللتَهُ من قلبي..
فلما خرج الأحنف من عنده بعث معاوية إلى يزيد بمائتي ألف درهم ومائتي ثوب. فبعث يزيد إلى الأحنف بمئة ألف درهم ومئة ثوب..
انتصر الحب في النهاية.. حب الأب لولده وحب الولد لأبيه وها نحن معا نستعد لمشاهدة مقابلة هولندا والاكوادور على قنوات غير غربية حفاظا على أعصابنا..
أتعلمين أن صورة الفريق الألماني عندما وضعوا أيديهم على أفواههم احتجاجا على قوانين الفيفا وعلى قطر قد فضحت نفاق الغرب في كل مكان؟ ستقولين كيف؟
أجيبك ببعض الأسئلة وأشهد أنك لو وجدت لها تبريرات صادقة، سأراضيك وألبس معك تلك الشارة الملعونة..
لماذا لم ولن ينتصر الغرب للفلسطينيين بعد أن أهدى ذات احتلال رجيم أرضهم وعرضهم إلى ما يسمى بدولة إسرائيل؟
هل العرب هم من أحرقوا اليهود أحياء ثم لما أحسوا بالذنب أهدوهم أرض غيرهم أم الغرب؟
ماذا عن مساندة الأنظمة الدكتاتورية في إفريقيا وفي الشرق الأوسط؟
لماذا نتمتع هنا بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية الحقيقية؟
لماذا لا يريدها الغرب لتلك الشعوب؟
أم هي المصلحة ولا شيء غير المصلحة؟
لماذا سكت الغرب عن الانقلاب عن ثورة مصر وعن مجزرة رابعة؟
ماذا عن حجاب المسلمات في الغرب؟ أوليس حقا مشروعا وحرية شخصية هو الآخر؟
أولم ينجح البرلمان الأوروبي في استصدار حكم قضائي يمنع الحجاب في المؤسسات؟
ماذا عن تجويع ونهب خيرات الدول النامية ثم عندما تحاصرهم المجاعات تطيرون فوقهم وترمون عليهم فتاتكم من خبز ومواد غذائية مخنزرة؟
ماذا عن الاتفاق على مفهوم أممي واضح للإرهاب حتى تتوقف التجارة به؟
ماذا عن التجارة اليوم بفتيات أوكرانيا الهاربات من ويلات الحرب في بورديلات الدول الغربية؟
ماذا عن خطف أبناء المهاجرين في السويد؟
وفي الختام، بلغي سلامي إلى جاركم الطيار الحربي مارك، الذي لا ينقصه الحنان هو الآخر مع قطته ميمي وكيف كاد يموت يوما لينقذها عندما سقطت في القنال.. كيف حاله اليوم؟
سمعت أنه لا ينام إلا بالخمر والمسكنات، فوجوه الأطفال والنساء الذين أبادهم في قرية نائية في أفغانستان قبل سنين تطارده كلما نظر في المرآة وقرأ في ملامحه ما تبقى له من ضمير..
أكتفي بهذا القدر من الأسئلة عزيزتي وأنتظر منك إجابات أعرف مسبقا أنها مثل ڨودو.. لن تأتي…
والسلام
الإمضاء
صديقك المنجي الفرحاني
عدو شعارات النفاق