عمر يضيّع بغلته

نور الدين الغيلوفي 

في غمرة النشوة بالسلطة والهوس بالحكم رأى المقيم العام بقصر قرطاج أنّه عليه أنّ يعيد النظر في حديث بغلة عمر، وذلك لأنّه قد تبيّن له، حسب آخر اكتشافاته أنّه أكبر من عمر وأكثر تطوّرا وبدا له أنّ أسئلته لم تعد تليق بأن تكون أسئلته، عمر كان يخشى أن يُسأل أمّا السيّد المقيم العام فلا يُسأل عمّا يفعل ولا عمّا لا يفعل.. ولا حقّ لأحد في أن يسأله في أرض ولا في سماء.

البغلة راحلة قديمة لا تناسب الأفكار الجديدة ولا توافق المفاهيم المستحدثة ولا تليق باللحظة التاريخيّة التي عرفت طريقها إلى صانعها الذي جُعلت على مقاسه دون سواه.. لسنا في القرن الهجريّ الأوّل بل في القرن الحادي والعشرين الميلادي…

دعك من البغلة وسؤال تسوية الطريق لها.. تلك خرافة قديمة من خرافات الذين غبروا ولم يعتبروا..

في القصر رجال ونساء لا تقوم الدولة إلّا بهم ووجب أن يشبعوا.. أمّا الشعب فما (ما) يبقى منه على قيد الحياة قد يصلح لأن يكون رعايا تليق بمقام راعٍ يزجي وقته الشاسع برعيها والافتنان في لعنها وقد باتت عبئا عليه.. يعانيها ولا يجد منها ما يليق من شكره.

Exit mobile version