عبد العزيز الرباعي
عندما يمول زعيم فرنسا الانقلاب ويباركه ثم نبوس أكتافه ونعتبر ماضي بلاده حماية ردا للجميل فذلك لا يعد عمالة لأحد ولا تدخلا في الشأن التونسي… أما عندما يصدع سفير أمريكا بالحق ويكشف بشاعة ممارسات الانقلاب.. تخرج جوقة الحشد الشعبي للتنديد برفض التدخل الأجنبي والتنديد بتصريحات السفير؟
الانقلابي المستبد يريد الانفراد بالشعب التونسي.. يذبح ويعتقل ويعربد دون حسيب أو رقيب.. التعلة “حماية السيادة الوطنية؟”… تذكرنا هذه الممارسة بما قام به نظام بن علي الاستبدادي من أجل محاكمة “خميس الشماري” وسحب الجنسية التونسية منه عبر تمرير قانون على المقاس من خلال مجلس النواب الصوري الذي كان تحت سلطته… بسبب اتهامه بالخيانة والمطالبة بالتدخل الأجنبي في الشأن التونسي؟؟؟
إن التدخل السافر للأنظمة القمعية في الإمارات والجزائر ومصر وفرنسا والسعودية وسوريا في تونس وتمويلهم للجهات المشاركة في الانقلاب والداعمة له مقبول ولا يمس السيادة الوطنية واستقلالية القرار؟؟؟ أما تدخل جهات أخرى وتعبيرها عن استنكارها من قيام دكتاتورية جديدة في المنطقة أمر يعد انتهاكا للاستقلالية؟؟؟
أخرج الدبابة من مقر البرلمان.. وادع لانتخابات تشريعية ورئاسية مبكرة تحت إشراف هيئات مستقلة منتخبة وليس معينة إن كنت واثقا من نفسك ورافضا للتدخل الأجنبي.. لكن كيف نستغرب مواقف مثل هذه ممن يعتبر أن قدوته وملهمه هو السفاح الطائفي بشار الهر… ذلك الذي جعل من بلاده حاملة طائرات للدب الروسي ومرتعا للجماعات المسلحة الشيعية الإيرانية واللبنانية؟
ما قام به سعيد جعل تونس محل صراع وأدخلها ضمن الحسابات الإقليمية في الصراع القائم بين القوى الكبرى القديمة والصاعدة على مناطق النفوذ في العالم خاصة الغنية بثرواتها أو ذات الموقع الاستراتيجي الخطير…
تونس في قلب صراع المحاور… سعيد وكل من يدعمونه يريدون حمل تونس إلى المعسكر الشرقي الاشتراكي الشيوعي الإلحادي بزعامة روسيا والصين… هذا واضح وضوح الشمس في كبد السماء… موقف حكومة الانقلاب من العدوان الروسي على أوكرانيا أحد المؤشرات على ذلك… في المقابل أمريكا تستشعر بقوة مدى تنامي قوة المعسكر الشرقي ومدى تغلغله في أفريقيا ومحاولاتها لتوسيع نفوذها… الحرب الروسية الأوكرانية هي أحد ملامح هذا الصراع… لذلك أمريكا لا تريد الوقوف موقف المتفرج فيما يحدث في تونس… تونس المجاورة لليبيا الغنية وذات الموقع الاستراتيجي الخطير في قلب المتوسط والقريب جدا من أوروبا…
أمريكا لن تنتظر أن يدعوها أحد للتدخل… كما أنها لن تتردد في فعل كل ما يضمن مصالحها في المنطقة والعالم… وهي لن تقبل بأن يتدعم موقع الروس في حوض المتوسط بعدما تدعم في سوريا خاصة أن “الفاغنر” أصبحوا يسيطرون على العديد من المناطق في العديد من الدول الأفريقية وخاصة ليبيا…
أمريكا تدافع عن مصالحها… والانقلاب مكنها من ورقة هامة يمكن أن تستخدمها من أجل ابتزاز تونس المنقسمة على نفسها الغارقة في مشاكلها والتي تستجدي رغيفها…
كفاكم شعبوية واستبلاها للناس والرعاع…
الانقلاب والدكتاتورية وتفتيت وحدة الصف الوطني هي الخطر الحقيقي على تونس.. وهذه كلها جرائم قام بها الانقلاب ومصر على المضي فيها قدما حتى يغرق المركب بالجميع…
الانقلاب هو مصيبة تونس…
تونس تستحق الكرامة والحرية والعزة بكل أبنائها…
يسقط الاستبداد…
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.