بسام بوننّي
الموقف الدولي هامّ لكنّه حتما ليس الأهمّ. الإشكال أنّ الموقف الصادر، أمس، عن وزير الخارجية الأمريكي سبقه إليه تونسيون، أفرادا وجماعات، وأحيانا بنبرة أعلى وأعنف وبتشخيص أفضل وأعمق.
لكنّ الموقف المحلّي المعارض لسعيّد يُجابَه بحملة تخوين عنيفة وخاصّة تعميميّة وأنا أشاهد، هنا، ومنذ أيّام حملات شعواء تحديدا ضدّ الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات ونقابة الصحفيين، مع التهمة الأحبّ على قلب المهووسين بنظريّة المؤامرة وهي “الارتزاق”.
ولاحظوا جيّدا أنّ من رفض الموقف الأمريكي، بالأمس، يحتفي. اليوم، بتوقّعات وكالة فيتش للتصنيف الائتماني بتوصّل تونس لاتفاق مع صندوق النقد الدولي في النصف الثاني من 2022. وشاهدت، قبل يومين، هجوما على ألمانيا بسبب موقفها من الاستفتاء ثمّ احتفاء، بعد أقلّ من 24 ساعة بمشروع الأكاديمية العسكرية وهو بتمويل ألماني.
منذ 25 جويلية، وظّفت معظم القوى، سواء الداعمة لسعيّد أو المعارضة له، الموقف الدوليّ أو اعتمدته محرارا للكرّ والفرّ. وعموما، الموقف الغربي يسمح، تاريخيّا، بدرجة ما من القمع وهو ما لا يراه متوفّرا، اليوم، في تونس، خاصّة بحساب السياق الإقليمي، رغم كلّ ما يراه كثيرون ومنها منظمات تونسية انتكاسة حقوقية حقيقية. لكن، ما يُزعجه -أي الغرب- هو تحوّل تونس إلى منصّة رسمية لخطاب معاد له. ومعظم المسؤولين الغربيين الذين زاروا تونس خلال العام المنقضي والتقوا معارضين كانت معظم تساؤلاتهم تتركّز أساسا حول شعبيّة الرئيس لا حول الوضع الحقوقي، فبالنسبة لهم، لايزال الوضع “مقبولا”.
وما رسّخ هذه القناعة هي الانقسامات الحادّة بين الأحزاب وهشاشة المجتمع المدني.
سيبقى الوضع على ما هو عليه، في انتظار انتخابات ديسمبر وخاصة كيفية إدارة أزمة اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة. وقد تجري الكثير من المياه حتى ذلك التاريخ.