سمير ساسي
يرى بعض الأصدقاء أن حديثنا عن تسريب التاسعة لفيديو الحريق محاولة للفت النظر عن حقيقة ما يجري في مونبليزير.
وفي الواقع هو قول يجهل أنني لست خازن مونبليزير ولا غيرها وأنا مثقف حر متابع للشأن العام أبدي رأيي في الحدث الذي أراه مهما ذا علاقة بالشأن العام.
ثانيا، هناك نظرية تونسية (أي نعم التوانسة تطلع منهم نظريات) تقول ما ثماش قطوس يصطاد لربي وهذه نظرية سأعود إليها في تفسيري للتسريب.
قبل ذلك أقول أن التسريب اذا أخذناه مفصولا عن سياقه الموضوعي هو جريمة مهنية بمعايير الصحافة وقانونية بمعايير القضاء وأخلاقية بمعايير الإنسانية مراعاة لمشاعر أسرة الضحية ولا يمكن والحال هذه السكوت عن فعل ذي جرائم ثلاث.
فاذا عدنا إلى النظرية القططية أو القطوسية على صاحبها عبيد الله القطي التونسي رحمه الله نقول لا يمكن التسليم بان التاسعة وهي تسرب الفيديو تعمل عملا صحفيا خالصا لوجه الصحافة ولا هي تبتغي إنارة الرأي العام وكشف الحقيقة فما هذه طباعها حاشا وكلا ولا هي معنية أصلا بها ولا تعرف معنى الصحافة الاستقصائية وإنما هي مكب نفاية زوقه صاحبه وانتدب فيه عمالا بربطة عنق.
الثابت عندي أن النيابة العامة استلمت كلمة المرور لأجهزة المراقبة في مقر النهضة وتولت إفراغ التسجيلات بنفسها دون تدخل أو حضور أجنبي وهو ما يجعلنا أمام فرضيتين جهة أمنية سربت التسجيل للتاسعة أو علم مسبق للتاسعة بالحدث وهذه فرضية تورطها في الإرهاب وأنا استبعدها لا لبراءة التاسعة من الإرهاب المادي فهي تمارس أشد منه ولكن لضعف قدرتها على الفعل وقديما تقول العرب “من العصمة ألا يجد”.
بقي الاحتمال الأول وهو راجح عندي نظرا للتجاذب الكبير داخل الداخلية وقد ذكرت لكم معطى تسريب التحقيق مع أحد المتهمين في قضية بلعيد وفيه صور لفرقة الإرهاب وهو ما عد جريمة وأحيل للتحقيق، وهذا التجاذب يوظف دكاكين نفايات الإعلام لغاياته واعتقد انه قدر أن الحدث قد يصب في صالح النهضة إذا مضى الناس في فرضية العمل الإرهابي المدبر. وهذا لا يخدم أجندتهم ولا أجندة الانقلاب لذلك سارع بالكشف عن الفيديو لينسف هذا المسار من التحقيق ويجعل الأمر نهضويا داخليا.
وللتوضيح في هذا الجانب وبناء على نظرية القطوسية ليس مشكلا أن يكون الأمر نهضاويا داخليا فهو الأرجح عندي حتى يقول التحقيق قوله فلست أدافع عن أحد لكن المشكل في هذا العقل شبه المنحرف الذي يسعى لتصعيد عقده النفسية وحساباته الضيقة ليفوت على المجتمع فرصة الاستفادة من حدث. في ابسط دلالته انه مثير لأسئلة منها لماذا ينتحر إسلامي يومن بأن الانتحار حرام، لماذا ينتحر إسلامي في مقر حزبه وليس أمام مقرات الدولة، لماذا صار الانتحار حرقا وجه الاحتجاج الوحيد في مجتمع ما بعد الثورة، لماذا يختزن بعض التونسيين كما كبيرا من الحقد إزاء إخوانهم في الوطن يجعلهم يخرجون عن طور الإنسانية.
هذه أسئلة تحتاج عقلا هادئًا للتفكير فيها وليس تعليقا فايسبوكيا مستعجلا كقهوة في مقهى الذباب.
#من لم يكن يحمل عقله معه فالتدوينة ليست له.