اعتصام واعتصام… رسالة إلى بعض مَن مازال لديهم شيء من عقل
زبير المولهي
رسالة إلى بعض مَن مازال لديهم شيء من عقل، خاصة ممّن شاركوا في اعتصام “الروز بالفاكية” سنة 2013 مباشرة أمام باب البرلمان…
أريد فقط أن أسألكم، راجيا أن تتكلّم نزاهتكم عنكم، ولستُ طالبًا منكم الإجابة… فقط مجرّدَ التفكير وإعمالاً لما بقي فيكم من العقل والموضوعية والنزاهة :
أتذكرون تلكم الأيام ؟ وتلكم الخيمة ؟ وذلكم “الروز بالفاكية” ؟ وأولائكم القادمون والغادون من المشجّعين والمتعاطفين ؟ والفرح والغناء والأجواء الموسيقية ؟ أتذكرون قوارير الخمر وعُلب الجعّة الفارغة تتلاطم بين أرجلكم ؟ أتذكرون زيارات الباجي قائد السبسي رحمه الله لكم، والكثير من القيادات السياسية والنقابية والأكاديمية والفنّيّة ؟ أتذكرون الخطابات والندوات الإعلامية التي كنتم تقومون بها في كلّ وقت تشاؤون وفي كلّ حين تودّون ؟ أتذكرون عدسات الكاميرا تزوركم وتنقل مطالبكم بين الفينة والفينة فينةً أخرى ؟ أتذكرون أنّ التلفزة “الوطنية” كانت تزوركم بدوريّة كدنا نظنّ معها أنّها مشاركة معكم في الاعتصام ؟
أنسيتم ألاّ أحد منعكم من اعتصامكم ومن أجوائكم ومن سهراتكم ومن ندواتكم ومن سكراتكم ولا حتّى من خصوماتكم بين بعضكم البعض ؟ لا الأمن منعكم من الاعتصام، ولا الساسة الحاكمون آنذاك منعوكم، ولا قواعد النهضة أو المؤتمر أو التكتّل منعوكم، ولا هاجمكم أحد من الأحياء الشعبية المجاورة التي كانت تستشيط غضبًا من اعتصامكم… أنسيتم ذلك ؟؟؟
اعتصمتم قرابة الشهر (على ما أذكر) ولم يمنعكم أحد، ولم يستفزّكم أحد، ولم يهاجمكم أحد، ولم يتطاول عليكم أحد… أتذكرون ؟
اعتصمتم قرابة الشهر، وأسقطتم الترويكا وكان لكم ما أردتم وما خطّطتم له وما سعيتم إليه… وهذا جميل… وهذا طبيعي في مسار ديمقراطي… وهذا عادي تحت حكم الترويكا التي (رغم أخطائها ونقائصها) كانت تؤمن بالديمقراطية، لا بل كانت تمارسها وتطبّقها…
واليوم… تحت حكم من تساندونه وتباركون انقلابه ومسكه بكلّ السلطات في يده، هل تقبلون أن يُمنع أشخاص آخرون، تونسيون مثلكم، من الاعتصام في نفس المكان الذي اعتصتم فيه قرابة الشهر وأسقطتم منه الحكومة ؟ دعنا من الاعتصام، فحتّى مجرّد وقفة وقع منعها في نفس المكان الذي اعتصمتم أنتم بأنفسكم فيه… ونصف المتظاهرين وقع منعهم حتى من الوصول إلى العاصمة… أهكذا تحكمون، أهكذا ترون الديمقراطية، أهكذا تصحّحون المسار ؟؟؟ الحرية لكم فقط، والقمع والمنع والمحاصرة لغيركم إن كان مختلفًا معكم ؟؟؟
بربّكم، بشرفكم، من أكثر ديمقراطية، الترويكا أم أنتم وقيسكم ؟؟؟ من يحترم أكثر الإنسان وحقوقه، الترويكا أم أنتم وقيسكم ؟؟؟