الأربعاء 12 مارس 2025
أحمد الرحموني
أحمد الرحموني

بيان الرئاسة التونسية والحوار الغائب !

القاضي أحمد الرحموني

من المقولات المشهورة أن “الكلام جعل لنخفي ما نريد”!، ومن الأكيد أن ذلك ينطبق تماما على بيانات رئاسة الجمهورية التونسية (المتعلقة أساسا بالخارج) وعلى روايتها الخاصة لفحوى المكالمة الهاتفية الأخيرة بين قيس سعيد وإيمانويل ماكرون.

ويبدو أن ما تم إخفاؤه في بيان الرئاسة التونسية قد ظهر بارزا فيما نشره قصر الإليزيه يوم 2 أكتوبر الجاري.
و بإستثناء الإشارات السريعة للتعاون بين البلدين والوضع الصحي في تونس وشؤون الهجرة التي مثلت قاسما مشتركا بين البيانين، فإن بيان الرئاسة التونسية قد أهمل حديثا طويلا بين الرئيسين حول الأوضاع الداخلية لبلادنا، حيث أورد بيان الرئاسة الفرنسية أن ماكرون “قد ذكر رئيس الجمهورية التونسية بأنه يتابع الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والصحي في تونس باهتمام كبير” كما أشار رئيس الجمهورية الفرنسية إلى “الجدول المؤسسي المنتظر من الشعب التونسي والمجتمع الدولي وأعرب عن تمسكه بإقامة حوار تشارك فيه مختلف مكونات الشعب التونسي حول الإصلاحات الهيكلية المرجوة.”

كما أشار السيد قيس سعيد -حسب البيان الفرنسي- إلى “أن الحكومة ستشكل في الأيام المقبلة وانه سيتم إطلاق حوار وطني بعد ذلك مباشرة. وأكد تمسكه بدولة القانون.”
وربما لا يهم في ضوء ذلك اختلاف الصياغة أو تخفيف الكلمات في البيانات السياسية، لكن قد يكون من المفارقات أن نسمع على لسان رئيس الجمهورية التونسية حديثا عن حوار وطني في آجال قريبة من بيان للرئاسة الفرنسية، وأن يغيب ذلك عن بيان الرئاسة التونسية.

ولا ادري إن كان لنا أن نستنتج أن إطلاق الحوار الوطني (الذي رفضه دائما قيس سعيد) سيكون استجابة للرئيس الفرنسي أو المجتمع الدولي، في حين أن ذلك مطروح وطنيا منذ تعطيل مؤسسات الدولة وطيلة فترة الانتظار الطويلة.
كما لنا أن نلاحظ غياب أية إشارة للحوار عند صدور التكليف لرئيسة الحكومة الجديدة أو عند الكشف عن أولوياتها.

ورغم ذلك لنا أن نتساءل إن كان هناك ارتباط بين حديث الرئيسين عن حوار وطني واستقبال الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل لسفير فرنسا بتونس يوم 1 أكتوبر الجاري الذي ثمن -حسبما نشر من فحوى اللقاء- دور الاتحاد الوطني في كافة المراحل التي مرت بها البلاد. إضافة لما اعقب ذلك اللقاء من إعلان الاتحاد يوم 2 أكتوبر الجاري عن فتح نقاش مع عمداء الكليات وخبراء القانون وعلماء الاجتماع حول رؤية المنظمة للمرحلة القادمة وذلك تحت إشراف الأمين العام للاتحاد بقصد إعداد تصورات ومقترحات وما يجب أن يفتح من مناقشات سياسية حول مشاريع مراجعات القانون الانتخابي والنظام السياسي وقانون الأحزاب والجمعيات (انظر الصفحة الرسمية للاتحاد العام التونسي للشغل).

فهل نحن بصدد ترتيبات مسبقة حول حوار “موجه” بتدخل فرنسي يكون فيه الاتحاد المحاور الأساسي للرئيس والحكومة وذلك بشأن مراجعات تتعلق بالدستور (النظام السياسي) والتشاريع الخاصة بالحياة السياسية والمدنية. ؟


اكتشاف المزيد من تدوينات

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً

أحمد الرحموني

لا أحد تحت القانون!

القاضي أحمد الرحموني لا أدري إن كنا نستطيع أن نزعم خصوصا في هذه الظروف أن الناس سواسية …

أحمد الرحموني

حوار بلا وسائط!

القاضي أحمد الرحموني أصبح من الثابت أن الحوار الذي يزمع قيس سعيد تنفيذه بعد تنظيمه بأمر رئاسي …

اترك تعليق