“المقالات تأتينا جاهزة من فوق”

لطفي حجّي 

إذا كان الصحفي لا يدرك الفارق بين المقال الصحفي الاستقصائي والمعلومات (ولا أسميها مقالا) المخابراتية مدفوعة الأجر، فهو ثالث ثلاثة:
إما لا يمكنه أن يكون صحفيا أصلا لضعف في مداركه وتكوينه.
أو هو سيئ النية لأن المضمون يخدم أغراضه السياسية أو الأيديولوجية.
أو طيب مخدوع يحتاج إلى دورات تدريبية ليتمكن من قواعد المهنة وأخلاقياتها.

وتبرير مثل تلك المقالات والترويج لها هو بداية السقوط المهني والأخلاقي للصحفي حتى ولو كان المعني بالأمر خصمه السياسي، لأن تبريره لمهاجمة الخصم بتلك الطريقة يفترض أن يصمت أيضا عندما يأتي الدور عليه أو على من يقاسمه نفس المواقف والآراء.

وللتاريخ -لأنني فجأة وفي غفلة مني، وبفعل الزمن وسرعته أصبحت من كبار الحومة- أروي هذه القصة:
كنا في نهاية تسعينيات القرن الماضي في جلسة عامة بمقر جمعية الصحفيين التونسيين، فتجرأ عدد من الصحفيين (حين كانت الجرأة والشجاعة لهما ثمن) وأدانوا المقالات غير الممضاة التي غزت عددا من الصحف التي اختصت في مهاجمة الحقوقيين والمعارضين للنظام فعلا (أشدد على كلمة “فعلا” للتمييز بينها وبين المعارضة التي كانت تسمى كرتونية آنذاك) بأسلوب قذر غير أخلاقي بالمرة.

وحين بلغ النقاش أوجه نهضت زميلة كانت حينها مسؤولة بإحدى تلك الصحف المعنية وقالت مخاطبة الناقدين: “لماذا تلوموننا وأنتم تعلمون أن تلك المقالات تأتينا جاهزة من فوق”
انتهى الدرس…

Exit mobile version