نور الدين الغيلوفي
-النصّ طويل يأتيكم على أجزاء مراعاة لتقبّل الأصدقاء-
1.

قيس سعيّد يبحث عن إثبات ذاته فلا يجد ما يثبتها به غير أقوال فجّة وأعمال سخيفة تراه يفتّش فيها عن كلّ غريب ليخرج على الناس به.. الرجل مولع بكلّ غريب ككُلّ غريب حتّى إنّه قال في حقّ نفسه إنّه يشعر بأنّه من كوكب آخر.. لا يجد قدرة على الإقناع، لذلك يبحث عن الإثارة.. وفي كلّ مرّة يقول فيها قولا أو يفعل فعلا يترك أثرا من الاستغراب والسخرية والإشفاق عليه وعلى البلاد التي قُضي عليها بأن يكون رئيسا لها في لحظة تحتاج فيها إلى عاقل يلملم جراحها ويجمع شتيتها ويصل ما انقطع من أمرها.. وإتيانه بالغريب هو أقصى ما يقدر عليه.
•••
الحكّام عادة يُثبتون أنفسهم بالإنجاز، أما قيس سعيّد فلا يجد سبيلا إلى إثبات نفسه إلّا بإظهار قدرته على تعطيل كلّ إنجاز كالذي قيل له إنّ الله يحيي ويميت فقَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ.. فدعا برجلين فقتل أَحَدهمَا، وترك الآخر.. وقَالَ كان هَذَا حيا فأمتُّه وأحييتُ هَذَا ولو شئتُ قتلتُه.. فلم يكن من فعله غيرٌ تعطيل الحياة لإظهار قدرته.. وكذلك يفعل قيّس سعيّد.
في كلّ مرّة يكشف قيس سعيّد ولعه بالغرابة وهو يحسب أنه بذلك يُقنع بنفسه والحال أنّه لا يستطيع حتّى إقناع نفسه بنفسه.. الرجل يعيش اهتزازا نراه في سلوكه ونسمعه من أقواله.. ومن علامات اهتزازه رسالته الأخيرة إلى رئيس مجلس نواب الشعب.
- يتبع –