عز الدين عبد المولى
درست الفلسفة عند حمادي بن جابالله ودرستها عند أبي يعرب المرزوقي قبل أن انتقل إلى المغرب لأدرسها عند عابد الجابري ومحمد سبيلا وعبد السلام بن عبد العال وطه عبد الرحمن وغيرهم من القامات.. حين كان أبو يعرب يسبح في بحور الفلسفة القديمة والحديثة والمعاصرة ويؤلف في الفلسفة العربية واليونانية والألمانية والفرنسية والإنجليزية ويترجم مباشرة عن أساطينها.. ظل بن جابالله عالقا في القرن السادس عشر يلفّ حول الانقلاب الكوبرنيكي لا يغادره.. كان كل جهده يتمثل في نقل بعض الترجمات الفرنسية عن أعمال كوبرنيكوس.
برا يا زمان وايجا يا زمان.. ارتمى بن جابالله في أحضان نظام السابع من نوفمبر “التنويري” وبذل كل جهده في إسقاط طلبته ممن “لا يشبهونه” في الامتحانات.. ولاحقهم بأمر من سيده بن علي حتى خارج البلاد لمنعهم من التسجيل ومواصلة تعليمهم.. في تلك الفترة كرّس كل جهده العلمي لتأليف فصل “فلسفي” عظيم في سفر تكوين “الثورة الهادئة” التي كان يقودها المخلوع الهارب.. بينما حوصر أبو يعرب في الجامعة من قبل العصابة الأكاديمية التي ينتمي إليها بن جابالله واضطر لمغادرة البلاد بحثا عن متنفس..
برا يا زمان وايجا يا زمان.. قامت الثورة فانبرى لها بن جابالله يلعنها ويلعن “اللي خلّفوها” بينما تجنّد لها أبو يعرب منافحا عنها بقلم لا يلين.. عشر سنوات كاملة لم يستطع إعلامنا الهابط أن يرتقي قليلا ليرى أبا يعرب فيرد إليه بعضا من حقه وحقنا في أن نسمعه بينما بن جابالله “يحوّس” بين المنابر.. هذا الإعلام التافه لا يتقن غير السقوط والبحث في القاع ليلتقط لنا سقط المتاع فيتقأ في وجوهنا بين الفينة والأخرى.. كما فعل البارحة.