Site icon تدوينات

بشرى العيد استئناف الأمة لدورها الكوني

أبو يعرب المرزوقي

أبو يعرب المرزوقي

أبو يعرب المرزوقي

في أول أيام العيد أريد أن أزف بشرى للأمة كلها: بعد جائحة كورونا لن يكون مفر للغرب الأدنى (أوروبا) والأقصى (الولايات المتحدة) من تغيير كل استراتيجيتهما. سيفهمان أن ما حصل من الإحاطة بدار الإسلام في بداية حداثتهما لم يعد ممكنا وأن العكس هو الذي ينبغي أن يلجآ إليه للصمود أمام الشرق الأقصى الذي قد يقوم بالإحاطة بالشرق الأدنى ليستعمرهما إن واصلا حربهما على الإسلام والمسلمين.

لذلك فالغرب مضطر -مكره أخاك لا بطل- للتحالف معنا من أجل مستقبله بعد أن يئس من السيطرة علينا حتى باستعمال إيران وإسرائيل وبقايا السوفيات والعملاء من الحكام والنخب العربية خاصة. اليوم “وقفت الزنقة بالهارب” (مثل تونسي): الغرب بين حلين لا ثالث لهما. إما التحالف معنا أو الهزيمة النهائية أمام منافسيه من الشرق الأقصى.

وأول من سيفهم ذلك ليس أوروبا التي لم تنس الأحقاد وخاصة يمينها الذي ما يزال حاقدا على الإسلام ويخافه بل الولايات المتحدة الأمريكية لأنها أولا أبعد من أوروبا عن هذه الأحقاد لكونها براجماتية وثانيا لأنها هي التي تهدد الصين دورها العالمي وبالذات باستعمار الغرب العتيق. وهي تعلم أن هذا الدور من دون الأمة الإسلامية ليس له قدرة الصمود وخاصة بعد اليأس من السيطرة عليه بالقوة.

ومن الآن تبين أن أوروبا لن تستطيع العودة لاستعمار أي جزء من دار الإسلام. فالمسلمون اليوم ليسوا مسلمي القرنين الماضيين حيث كانت أوروبا تعتبر آخر خلافة الرجل المريض. فالرجل تعافى وصار يحسب له الف حساب. وكل بلاد الإسلام حتى وهي غير متحدة قادرة على هزيمة أي دولة أوروبية من الخمسة التي كانت تمثل إمبراطوريات استعمارية في عهد انحطاطنا.

هذه هي البشرى التي أردت أن أوصلها للأمة في أول أيام العيد وخاصة لشبابها وبصورة أخص لشباب مصر والخليج. فشباب مصر قد عافاه الله من روح الانهزام وعلتها. ويعود ذلك الفضل بعد الله لبلحة ومموليه إذ هم قد أثبتوا للشباب المصري أن رأس الحربة ضد أعداء مصر هم الإخوان وأنهم لم يكونوا ساعين للهيمنة والدليل أن السيسي ضحى بمن ساندوه من شباب مصر ضدهم فألحقهم بالإخوان لأنهم من دونهم لا يمثلون قوة رادعة للاستبداد والفساد.

أما شباب الخليج فقد بدأت ثورته تسري في القلوب لأنه مر إلى اللسان وخاصة بعد “نشر” خاشقجي بمنشار أحمق السعودية وبعد سجن علماء الأمة وحتى نخبها الاقتصادية. وإذا لم يتدارك الحكام فيه الوضع فإن الشباب سيمر إلى اليد مثل كل شباب العرب في الأقطار الأخرى. فالجائحة وما ترتب عليها ونزول أسعار البترول سيضع الشباب الخليجي أمام حقيقة الوضع مثله شباب العرب الآخرين بعد نهاية الرخاء وشراء الولاء بـ”المكرمات”: المستبدون يدفعون الجزية لحاميهم ليستعبدوهم بمرتزقته على حساب سعادتهم ورفاهيتهم ويدفعوهم للبطالة والفقر.

ينبغي أن نشكر الله ونحمده: فهو قد جعل الوضع الدولي والظرفية التاريخية كلهما لصالح استئناف الأمة دورها العالمي في أحسن الظروف التي تتحدد بالوعي الشبابي في كل بلاد المسلمين وبتحول دار الإسلام من جديد إلى بؤرة النظام العالمي وقلبه. وسيعاد النظر فيه بعد كورونا والأزمة الاقتصادية القادمة فيتبين أن دور الأمة فيه سيكون جوهريا ماديا وروحيا. والبداية هي تحرير المغرب الكبير من أطماع بعض الواهمين من حكام أوروبا وخاصة فرنسا التي كانت ولا تزال أكثر شعوب أوروبا عداء للإسلام منذ الحروب الصليبية.

فأول ما سقط من أرض الخلافة هو اول ما يسترد: بلاد المغرب الكبير. أوروبا أخرجت الخلافة من الجزائر وتونس وليبيا والمغرب. وهي الآن بصدد فقدان ما احتلته مباشرة وواصلت احتلاله بصورة غير مباشرة بتوسط عملائها. أحفاد المختار بدأوا بمساعدة مركز الخلافة مرحلة الاسترداد بالقوة الحديثة. وتلتها الجزائر. وتونس تستعيد المبادرة. فالانتصار في ليبيا ألجم فرنسا التي كانت تلعب بذيلها فيها. والدور آت على تحرير الخليج والهلال من هيمنة إيران وإسرائيل.

ومعنى ذلك أن سايكس بيكو الأولى في لحظات الاحتضار الأخيرة. والثانية ليس لها أدنى حظ في تحقيق ما خططوا له بخرافة داعش التي اصطنعتها إيران وإسرائيل والأنظمة العربية العميلة بحلف بين مع أمريكا وروسيا. والاستعمار الأوروبي غير المباشر بتوسط العملاء لدار الإسلام أصابته كورونا في مقتل وستنهيه أزمة الاقتصاد التي تترتب عليها. وتلك هي فرصة الشروع في الاستئناف الفاعل وبدايته الحلف المخمس الذي انتظم في كوالالمبور حتى لو غابت باكستان لعلل معلومة. لكن خطاب رئيسها الأخير أعاد صاحبة الردع النووي الوحيدة بين شعوب الأمة إلى دورها في مساندة الاستئناف فلم يعد بوسع أحد تهديدنا بالسلاح النووي.

تلك هي علل تفاؤلي وبث هذه البشرى. إذا جاء نصر الله والفتح فإنه لا مرد لما وعد الله به أمة الإسلام: أن تكون شاهدة على العالمين ليس بمنطق العنف المادي بل بمنطق النساء 1 والحجرات 13 كونيا وبمنطق سورة العصر التي حددت شروط الاستثناء من الخسر فرديا بالإيمان والعمل الصالح وجماعيا باجتهاد التواصي بالحق وبجهاد التواصي بالصبر. إن ينصركم الله فلا غالب لكم.

Exit mobile version