ليلى حاج عمر
“نحلّو الحلو” عبارة في منتهى الشعريّة.. هكذا أجدها وهكذا أتذوّقها. التقاء الحاء واللام لصنع حلاوة العالم. في لهجتنا كثير من الشعريّة ولا أدري كيف صاغ الأجداد العبارة مجازا واحتفظ بها المخيال لنعيدها ولكن بين الحلّ والحلو جناس يعدّل وجودنا كلّما اشتدّت مرارته.

أعشق من الحلو الغريّبة حلوى الغرباء وزاد المسافر. صورة لهشاشة وجودنا الغريب. تتفتّت وتتلاشى وتذوب لمجرّد اللمس. أحبّ أمّي حين تصنعها في شكلها البدائي الأوّل قبل أن تقولبها التقنية. مدبّبة ومعوجّ بطنها وثابتة. كما نحن. والمقروض. شعريّة أخرى. قريض من سميد وتمر. من ضياء وليل. رائحته تقيم في منطقة الشمّ داخل تجاويف الأنف. تعيدنا إلى رائحة الأرض كلّما أخذنا التيه بعيدا. البقلاوة. حلاوة وجودنا الخالص. ذروة النصّ. يقال إنّها تعود إلى الآشوريين الذين صنعوها من رقائق العجين الرقيق الهشّ المحشوّ بالفواكه الجافّة أو المكسّرات والمغطّى بالعسل.
الأتراك يقولون إنّها تعود إلى لاوة. طبّاخة السلطان عبد الحميد التي ابتدعت هذه الحلوى فقال لها وقد أعجبته: باق لاوة نه بايدي! بمعنى: انظر ماذا فعلت لاوة! حكايات كثيرة لتفسير البحث عن النكهة منذ الأزل من أجل منح العالم المعنى اللذيذ المستحيل. معنى هشّ غاية في الهشاشة. سرعان ما يذوي. تماما كوجودنا الهشّ اللذيذ السريع الجميل كقصيدة.
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.