Site icon تدوينات

غيوم في سماء قرطاج 2020

إسماعيل بوسروال

إسماعيل بوسروال

إسماعيل بوسروال

انتخبت الجماهير التونسية الأستاذ قيس سعيد في الدور الثاني لرئاسيات 2019 في مواجهة ساخنة مع السياسي الليبرالي نبيل القروي.
حصد قيس سعيد 72% من أصوات الناخبين بما يناهز 3 ملايين صوت… وكان مؤهلا لدخول التاريخ من بابه الواسع لأنه يحظى بدعم الشباب والمهمشين والعمال والفئات الشعبية والطبقة السياسية… لكن استاذ القانون الدستوري المعروف بالزهد والنظافة والنزاهة بدّد تلك (الثروة الطائلة) التي جلبتها له الاقدار على طبق من ذهب نادر الحدوث في التاريخ.

ظهرت الغيوم في سماء قرطاج مبكّرا من خلال اعتماده على مستشارين “عديمي الكفاءة” ابرزهم رشيدة النيفر التي لم يشفع لها تاريخها المهني النقابي في ان تنحت “صورة مقبولة” للمضمون التواصلي لرئاسة الجمهورية… كما تتابعت الغيوم السوداء الداكنة في تصريحات وزير الدفاع عماد حزقي (المحسوب على رئيس الجمهورية) الذي اعتبر حكومة الوفاق الليبية مجرد مليشيات وبذلك لم يرتق الى مستوى التصريح اللاحق للامين العام للحلف الاطلسي الذي قال انه لا يساوي بين حكومة الوفاق الشرعية والمتمرد خليفة حفتر.

تلبدت سماء قرطاج بالغيوم من خلال المكالمات الهاتفية الرئاسية المتعددة مع أعداء الثورة التونسية في المنطقة العربية وخاصة مصر والخليج… خطوات في غير هدى.

تحولت الغيوم الى سحب تمطر نارا على الوضع الداخلي في تونس في تناقض صارخ مع الادوار المنوطة بعهدة “رئاسة الجمهورية” وعوضا عن تنديد الرئيس بدعوات الفوضى والعنف والارهاب والانقلاب والحرب الاهلية انحرف رئيس الجمهورية عن السير في “الخط السّويّ” وتوغل في الغابات الموحشة متهجما على المؤسسة التشريعية (مجلس نواب الشعب)… انحراف رئاسي خطير في المهام التالية :

  1. اخلال بدور رئيس الجمهورية باعتباره الضامن للدستور والمؤتمن على وحدة الشعب.
  2. ان مؤسسة (البرلمان) تم انتخابها في اطار “انتخابات حرة نزيهة وشفافة” وان القدح فيها يخيل وجوبا الى القدح في الانتخابات الرئاسية.
  3. ان آليات التعامل مع البرلمان لا تكون في خطاب عام موجه للشعب التونسي وبمناسبة تدشين مستشفى… كما لا تكون في خطاب في ثكنة امنية او اكاديمية عسكرية… لكلّ مقام مقال.

لقد اكد الرئيس قيس سعيد محدودية الافق السياسي الذي يتحرك فيه وذلك بالعودة الى الوراء سنوات ضوئية وعدم ادراكه لحقائق الوضع الذي يعيشه حيث بدا مبددا للاحلام التي حمّلها اليه الشعب التونسي… تنظيره لنظام سياسي على شكل الجماهيرية او السوفيات هي (أحلام الفتى التائه) التي ثبت فشلها في الاتحاد السوفياتي وفي اوروبا الشرقية وكذلك ليبيا القذّافية.

دستور 2014 هو (الفضاء المناسب سياسيا وفكريا وحضاريا) ليبدع فيه الرئيس قيس سعيد لاستكمال البناء الديمقراطي (المحكمة الدستورية، الهيئات الدستورية) واشتغال مؤسسات الدولة وفق قواعد واضحة لا لبس فيها خدمة لمصالح الفئات التي انتهبت الرئيس والبرلمان.
آمل الا تتحوّل الغيوم الدكناء في سماء قرطاج الى رعود… لا قدّر الله !
اذا اصرّ الرئيس قيس سعيد على تبديد الثروة التي منحها له الشعب التونسي في انتخابات 2019 فانني لا اتمنى ان ينسف المعبد على من فيه… بالعيش مع افكار القذافي او ستالين.

Exit mobile version