Site icon تدوينات

موظفو “التبلبيز الوطني”

الحبيب بوعجيلة

الحبيب بوعجيلة

الحبيب بوعجيلة

كلما بانت بوادر الوحدة الوطنية دمرها موظفو التبلبيز المافيوزي المتموقعون في كل الأحزاب والمواقع..
النظام الجديد لسيستام الفساد : نصف شهادة للتاريخ… ولنا غيرها اذا حفظنا الله من مكرهم…

من المنظومة القديمة برزت شخصيات مسؤولة ووطنية كانوا شركاء في الحفاظ على السلم الأهلي وتجاوز إستقطابات 2012 و 2013 الخطيرة.. وفي اليسار الوطني والتيار العروبي والإسلاميين والليبيراليين الاجتماعيين لدينا نخبة سياسية كفؤة ونظيفة وقادرة على بناء المشترك الوطني للتقدم بتونس نحو ما يرضي شعبها و يخرج بها من وضعية الخطر في عالم ترك فيه الجميع لأنفسهم ولن يحك جلدك مثل ظفرك…

هؤلاء هم من راهنا ونراهن عليهم دوما في كل محاولاتنا بعد انتخابات 2019 لصياغة الائتلاف الوطني الواسع للحكم باعتباره الحل الحصري والوحيد للإنقاذ…

يتأكد منذ سنوات أن لا احد يمكن أن يحكم تونس وينجز فيها وحده.. توزع النفوذ وتشتت مراكز القوة بين مؤسسات الدولة والمجتمع لا يتيح إمكانية الحكم لاحد حتى لو كان أولا في الانتخابات وهذا نظرا لتوزع السلطة بشكل طبيعي في المراحل الانتقالية حيث بإمكان حتى التافهين أن يشوشوا ويعطلوا مسارا بخبر زائف أو تدوينة رخيصة على فايسبوك أو بحرق عجلة في طريق فرعية ما لم يكن هناك ائتلاف قوى متماسك في الحكم و الإنجاز…

لهذا كانت محاولاتنا للبناء على المشترك والدفع للحكم الائتلافي على قاعدة الانحياز للانتقال الديمقراطي وأهداف الثورة وفق مزاج انتخابات 2019.

رغم هذه الحقيقة التي لا جدال فيها يبدو أن هناك قوة أخفى وقدرة اكبر تملك الإمكانيات الرهيبة على إفساد كل التئام وطني مرحلي ضروري للبلاد…

يجب أن نبحث عن هذه القوة التخريبية التي تنجح باستمرار في تلغيم الحياة السياسية. إنها ما اسميه أخر ما تبقى من النواة الصلبة للسيستام الريعي المتحكم في البلاد عبر عائلات وعصابات نافذة مدعومة بقوى خارجية مهيمنة على البلاد منذ ما يقارب القرن.

أثناء مبادراتنا الوطنية للائتلاف بعد انتخابات 2019 اكتشفنا أولا هشاشة السيستام الفاسد وضعف حزامه إذ كانت الاتصالات لا تنقطع من اطراف عرفت سابقا بعدائها للثورة ودعمها لإسقاطها للإعلان عن انحيازهم لكل إصلاح وطني ومقاومة للفساد كما اكتشفنا شخصيات وطنية ربما اختلفنا معها في استقطابات 2012 و 2013 من تجمعيين أو دساترة أو ندائيين سابقين كانوا متحمسين جدا لوحدة وطنية تنقذ تونس من مخالب الفساد وهاوية الانهيار.

إلا أن إحساسنا كان قويا بوجود نواة صلبة ممانعة لا نستطيع تحديد مكانها وهويتها لكن أثار فعلها ظاهرة.. إنها نواة فاجأها تحول النقاش على المستقبل الوطني الى العلن بإشراف من أبناء الشعب وبعيدا عن الغرف المغلقة.

كنا نحس أن هذه النواة يرعبها كل التقاء وطني للإصلاح الكبير وبعد فشل المبادرة الأولى مع حكومة الجملي ورغم تمسكنا بتكرار التجربة مع حكومة الفخفاخ إلا أن التعثرات والارتباك الذي اعترى المشهد السياسي مكن هذه النواة من الخروج مجددا من رعبها وذهولها لتستعيد التحكم الخفي في المشهد السياسي كما كانت تفعل منذ فجر الثورة.

لا افسر وضع الأزمة السياسية الخانقة واحتقان العلاقة بين الأطراف الوطنية في مؤسسات الحكم وفي الساحة السياسية وارتفاع نبرة المرتزقة ودعاة الفتنة إلا نتيجة عودة النواة الصلبة الى إدارة المشهد والتحكم في تجاذباته على حافة الهاوية دون أن يسقط ولكن دون أن يتقدم لحل ملفات الفساد وإنجاز الإصلاح.

لكن ما أؤكده اليوم حدسا وببعض معلومات أن هذه النواة الصلبة لم تعد اليوم في رأيي تشتغل بقواها السياسية المعروفة من النظام القديم فقط لان كثيرا من القيادات السياسية الوطنية من النظام القديم قد تحرروا فعلا من هذه النواة وانخرطوا في مسار الانتقال.

قدرة هذه النواة أنها اخترقت اليوم كل المشهد السياسي فلها في كل الأحزاب والمنظمات اذرعها المتكفلة بتخريب كل خيار ائتلافي وطني لإنقاذ تونس. عبر أدواتها الموزعة في كل منتظم سياسي تدمر اليوم كل وحدة وطنية من اجل الإصلاح والبناء.. ليس مرتزقة المضادة بودورو إلا مجرد ذراع ظاهر لنواة السيستام الريعي الفاسد أما باقي اذرعها فابحثوا عنها في اذرع الفتنة وتخريب المشهد السياسي المتمركزين في كل الأحزاب للقيام بمهمة “التبلبيز الوطني”.
لقد نشأ نظام جديد… اذرعه موزعة بين الجميع…

Exit mobile version