الحبيب بوعجيلة
انتشر في الأيام الأخيرة غضب غير مخفي من أداء حكومة الياس الفخفاخ على خلفية فهم سيء لجملة من القرارات المتخذة وسوء أداء في بعض المواضع.
لا أحد ينكر السياقات الصعبة التي وجدت فيها حكومة الفخفاخ نفسها بانطلاق عهدتها مع الحرب على هذا الوباء العالمي الذي شل الكون وأربك كل الحسابات. فضلا عن كون جزء كبير من هذا الغضب مضخم ومصطنع بمهارة بعد ما انكشف من محاولات توتير الأجواء والتآمر على المسار رغم محاولة البعض التقليل من حجم المؤامرة التي تم التخطيط لها فعلا رغم انطلاقها بأسماء رثة لجس النبض واختبار القوة.
لكن هذا الانصاف النسبي للفريق الحاكم لا يمنعنا من التأكيد على قدر من الارتباك والخبط العشوائي والأجواء غير الملائمة بين احزاب ائتلاف الحكم والتي تنذر بامكانية خيبة أمل أخرى للمواطنين في تجربة حكومية أخرى تنضاف الى تجارب الفشل الحكومي السابقة على امتداد سنوات الثورة وهو ما يهدد هذه المرة بفتح البلاد على المجهول والفراغ السياسي واليأس من الخيارات الانتخابية بما يسهل من مهام المتآمرين على الثورة والانتقال وهم حقيقة واقعة رغم محاولة البعض التغطية عليهم بزعم الاستهزاء من “نظرية المؤامرة”.
التوتر بين أحزاب الائتلاف الحاكم يبلغ الآن أقصاه في سياق اقليمي خطير وفي أوضاع اقتصادية واجتماعية مرشحة للاحتقان بعد كورونا وفي أوج بداية خيبة أمل من تأخر بدء المعركة على الفساد ومسار الاصلاحات الكبرى مع امتعاض شعبي من أداء قرطاج وتوتر الأجواء في باردو. هذه الاوضاع مجتمعة تتم أمام أعين قوى متربصة بالثورة والانتقال تنتظر فرصة الانقضاض.
حركة النهضة تبدو قيادة وقواعد بين مزاج حركة معارضة للحكومة ومزاج مشاركة حذرة لا تكف عن الشكوى بأنها مستهدفة بحلقات أضيق تتشكل حسب قولها داخل الفريق الحكومي وفي الساحة السياسية لعزلها.
في المقابل يصر خصومها من داخل الائتلاف وخارجه على أنها تواصل مناوراتها للهيمنة على الدولة ويواجه رئيس الحركة والبرلمان محاسبة دقيقة ولصيقة من اغلب الاطراف بمن فيها حلفاؤه في الحكم وتتصاعد الاتهامات للنهضة بعملها على تكوين تحالف برلماني مواز للتحالف الحكومي في مقابل اتهامها بالمسؤولية على هجمات منظمة من جمهورها الفايسبوكي على الحزبين الحليفين التيار وحركة الشعب.
وبعد خفوت نسبي للتوتر بين التيار والنهضة اشتدت وتيرة المناكفة بين حركة الشعب والنهضة بلغت في الايام الاخيرة نقطة اللاعودة لاسباب تبدو ايديولوجية ولكنها في الاغلب اختلافات استراتيجية في تموقع تونس في الصراعات الاقليمية. ورغم لقاء بين المغزاوي والغنوشي وصفته التسريبات بالودي فانه لا افق مبشر في انفراج العلاقة بين الحزبين.
في الأثناء يبدو رئيس الحكومة في وضع مرهق تتقاطع فيه هجومات من جهات مختلفة تستهدف منظومة الحكم بمختلف مكوناتها من قرطاج الى القصبة وباردو في الوقت الذي تبدو فيه قواعد وقيادات أحزاب الحكم نفسها متوترة تجاه حكومته حيث يستهدف كل طرف جزء من الحكومة حسب اللون الحزبي المسؤول على ذلك الجزء.
محاولات عاجلة بدأت لترسيخ التحالف سرعها الانكشاف الأخير لبؤرة التآمر على الاستقرار. ولن نكتشف نجاح هذه المحاولات او فشلها الا في الايام القليلة القادمة.
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.