نور الدين الغيلوفي
إلى السيد رئيس الحكومة
حول قراركم دعم الإعلام
عن أيّ إعلام تتحدّثون؟
إعلام مَن بماذا؟
وما الذي يعنيه الإعلام؟
وما الفائدة التي يقدّمها للبلاد؟
ما الذي يستحقّ أن يُدعَمَ لأجله هذا الإعلام؟
أرجو منكم تصنيفا للفوائد التي تجنيها البلاد من الإعلام “الوطنيّ” وإحصاءً لها حتّى يعلم المواطن التونسي “الكحيان” أنّ المال، الذي تبرّع به لمساعدة الدولة على مقاومة الجائحة رغم أنفه، لم يستول عليه اللصوص أو لم تُضعه الحكومة بتقديمه رشوة إلى قطّاع الطريق..
نعم الإعلام في تونس، إلّا أقلّه، يستولي عليه قطّاع الطريق…
السيّد رئيس الحكومة…
تخيّل معي أنّ القنوات التلفزيونيّة والإذاعية والصحف الورقيّة لم تكن فما الذي ستخسره البلاد بعدمها؟
إنك لن تستطيع الإجابة عن هذا السؤال إلا متى أجبت عن سؤال تصنيف الفوائد وإحصائها المتقدّم…
هاك وجهة نظر مواطن تونسيّ يزعم أنّه يحظى بنزر قليل من الفهم…
الإعلام في تونس ماعون استثمار لدى أصحاب الأموال الذين جمعوا أموالهم في زمن الفساد والاستبداد ولم يحاسَبوا على ما راكموا من أموال بغير وجه حقّ…
هؤلاء كوّنوا ثروات مشبوهة في غالبها وبعثوا لهم قنوات إعلامية لتبييض أموالهم ولمزيد الإثراء.. فهم بقنواتهم تلك يُشهرون البضائع ويروّجون البشر من سياسيين ونقابيين وفنّانين وراقصين ومثقّفين وخبراء لم يكن المواطن التونسي المتبرّع للدولة ليعرفهم لولا الإعلام..
ولك أن تتخيّل الأموال التي يدرّها الإشهار والترويج على باعثي تلك القنوات.. لك أن تتخيّلها حين ترى الجرايات الخرافية التي ينالها صنّاع الباعثين الذين هم على شاكلة سمير الوافي وحمزة البلّومي ومريم بلقاضي ومعز بن غربية وبوبكر بن عكاشة وآخرين لست أعرف أسماءهم.. زد عليها “الأسوام” الخيالية التي يُعطاها صنّاعُ الصنّاعِ “الكرونيكارات” الذين هم مثل محمّد بوغلّاب وهيثم المكّي وزياد كريشان وبرهان بسيّس وناجي الزعيري.. أموال رهيبة لو وُزّعت على الفقراء لأغنتهم عن الحاجة ولأسندوا بجهودهم الدولة في محنتها التي هي فيها من جرّاء الجائحة التي لا تبدو لها نهاية معلومة في الأفق المنظور…
ترتكب الحكومة حماقة كبرى عندما تدعم رجال الأعمال مرّتين مرّة على مؤسّساتهم الأخرى التي تضرّرت ومرّة على تلك الأوكار المسمّاة إعلاميّة…
السيد رئيس الحكومة…
الاقتصاد تحكمه النجاعة فهل ترى لقنوات الإعلام التي قرّرت حكومتك دعمها من نجاعة تستحقّ الدعم؟ أليس في ذلك استنزاف للدولة وتهديد للفقراء، الذين لا يملكون قوت يومهم، بالموت جوعا؟
لماذا تخضعون لابتزاز الأثرياء فتزيدونهم ثراء على حساب فقراء عطّلت الجائحة بئرا كانوا يعيشون من مائها؟
أليس الفقراء مواطنين؟
أليسوا أولى بتلك المساعدات؟
أليس الفقراء هم الذين أنجزوا ثورة وصلتَ بفضلها إلى سدّة الحكم؟
ألم تنعت حكومتك بأنّها حكومة قويّة عادلة؟
أليست القوّة في تطبيق القانون على الأقوياء المارقين؟
أليس العدل أن تُعطيَ الفقراء حقوقهم وتأخذ من الأغنياء ما وجب عليهم؟
ألا ترى معي أن بعض تلك القنوات الإعلاميّة تخذل الحكومة وتساند الجائحة بما تبثّه من تلبيس وتزييف وإحباط وبما تنشره من إفساد للأذواق واعتداء على الأمزجة وانتهاك للأعراف؟
فعلام تساعد هؤلاء؟
أتساعدهم على إفشال حكومتك؟
السيد رئيس الحكومة…
لو أنّك خرجت من جحر الأزمة الذي حشرتَ حكومتك فيه ونظرت أبعد قليلا وأقدمت خطوة في اتّجاه الناس لكان خيرا لحكومتك وللبلاد…
لو أنّك استثمرت الجائحة في ضرب الفاسدين واضطَررتَ، في ظلّ حالة الطوارىء، المتهربين من دفع الضرائب إلى دفعها لعدلت الميزان المختلّ…
لو أنّك حكمت على الأثرياء بدفع نسبة من ثرواتهم للدولة لاسترجعت للدولة هيبتها ولأعدت إليها هؤلاء الناهبين الآبقين ليكونوا في عداد المواطنين الذين يحترمون القوانين…
لو أنّك رتبت أمور المواطنين في الولايات والمعتمديات والعمادات.. وأحصيت الفقراء لتساعدهم مرة واحدة دون أن تضطرهم في كل شهر إلى الأَسْرِ في طوابير الإذلال لحميت المواطنين من سماع تسبيحة “يرحم خليل” في كلّ حين حتّى بات “خليل” أكثر حياة منك ومن وزرائك ومن رئيس الجمهورة المنتخب ومن جميع الأثرياء الذين لم يعرفوا طريق خليل إلى الرحمة…
لو أنّك تركت أوكار الإعلام تلك لقدرها ربما لسرّح باعثوها صنّاعهم من الإعلاميين وصنّاع صنّاعهم.. ولحميت الجميع من بذاءاتهم.. وما يتجلّى من سوءاتهم ويتدلّى من عوراتهم…
أليس خيرا للمواطنين أن يروا هؤلاء “المتطاوسين” في صفوفهم يقاسمونهم معاناتهم وربّما يجدونهم بينهم ضمن الطوابير يقدّمون إليهم إعلامهم في شكل دروس خصوصية ” من المنتج إلى المستهلك” ؟
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.