Site icon تدوينات

حكومة الفخفاخ بخيلة على عامّة الشعب فقط ..!!

عبد-اللّطيف-درباله

محامي وكاتب تونسي

عبد اللّطيف درباله

حكومة الفخفاخ بخيلة على عامّة الشعب.. سخيّة مع اللوبيّات والإعلام الخاص.. لشراء ولاءهم وتطبيلهم..!!!

هل تذكرون ما قلته لكم في مقالات سابقة من أنّ حكومة الفخفاخ ستقوم بتوزيع 150 مليون دينار فقط على حوالي مليون مواطن بأكملهم.. عبر إعانات في حدود 200 دينار لكلّ مواطن فقير أو فاقد للدّخل.. لا تكفي واقعيّا لإعالتهم..!!
وأنّها ستقوم في المقابل بتمتيع بضع آلاف فقط من المؤسّسات ومن رجال الأعمال.. بمئات ملايين الدينارات.. أي بمبالغ ستتراوح ما بين عشرات آلاف الدينارات إلى ملايين الدينارات لكلّ شخص من هؤلاء المحظوظين من مدلّلي الحكومات..؟؟!!
ابتدأت حكومة الفخفاخ فعلا القيام بذلك.. والآتي أعظم وأكبر..!!

هل تذكرون عندما قلت لكم بأنّ إلياس الفخفاخ كان يرمي من قرار الترخيص للقنوات التلفزيّة الخاصّة بإتمام تصوير مسلسلات رمضان.. مساعدتهم في ضمان أرباح الإشهار البالغة ملايين الدينارات في أفضل موسم للإعلانات التلفزيّة وهو شهر رمضان..!!
وأنّ الفخفاخ فعل ذلك في تبادل منافع مع الإعلام الخاصّ.. بحيث يقدّم لهم فرص الربح المالي عبر تشكيل القوانين على قياسهم ومنحهم الإستثناءات.. وأن تقوم تلك القنوات الخاصّة في المقابل بدعم الفخفاخ سياسيّا وتجنّب نقده وعمل ما يلزم من بروباغندا سياسيّة وإعلاميّة له..؟؟!!
لقد فعل رئيس الحكومة ما هو أكثر من ذلك فعلا.. فقد تجاوز تبادل المنافع إلى شراء الولاءات في الإعلام عبر توزيع أموال الدولة والشعب عليهم..!!

قرّرت حكومة إلياس الفخفاخ أخيرا جملة من القرارات بزعم مساعدة الإعلام في تونس على خلفيّة أزمة الكورونا..
وتمثّلت القرارات في ما يلي:

  1. تكفّل الدولة بنسبة 50 بالمائة من معلوم البثّ لسنة 2020 لكلّ القنوات الاذاعية والتلفزية الخاصّة.. وهو يعني إعفاءات وإسقاط ديون بعدّة ملايين من الدينارات.
  2. إحداث صندوق أموال مشاركة لدى رئاسة الحكومة بقيمة 5 ملايين دينار.. لدعم المجهود الاتصالي للدولة في الحملات التوعوية والتحسيسية.
  3. تخصيص إعتماد من ميزانية الدولة بقيمة 5 ملايين دينار.. لتمويل برنامج تأهيل القطاع ومساندته في الانخراط في منظومة التحوّل الرقمي.
  4. تخصيص مبلغ في حدود 1.2 مليون دينار.. يقتطع من الاعتمادات المرصودة بالميزانية بعنوان الاشتراكات في الصحف الورقية لسنة 2020.. لإقتناء إشتراكات في النسخ الالكترونية للصحف من قبل الدولة والهياكل العمومية.

يعني ذلك أنّ مبلغا ماليّا مؤكّدا يفوق 11.2 مليون دينار.. وقد يصل إلى 15 أو 20 مليون دينار.. خصّصته الحكومة لمساعدة بضع مؤسّسات إعلاميّة.. لن تتجاوز العشرات بين صحف وإذاعات وتلفزات خاصّة..!!
أي أنّ حكومة الفخفاخ تعطي لعائلة كاملة من الشعب الكريم 200 دينار.. لتعيش وتأكل وتشرب في الحجر الصحّي العام.. وتعطي لصاحب إذاعة أو تلفزة أو صحيفة مئات آلاف الدينارات في شكل دعم متنوّع الأوجه..!!

الحقيقة الواضحة أنّ رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ وبعض أركان حكومته.. من أحزاب ووزراء.. قرّروا أن يستعملوا مال الدّولة لتقديم “رشـــوة” مقنّعة للإعلام.. بعدّة ملايين الدينارات على الحساب.. لعلّ الإعلام الخاصّ يرضى عن الحكومة.. فيكفّ عنها نقده وضغطه.. ويتحوّل إلى الدعم الإعلامي والسياسي لها.. وربّما إلى التطبيل للحكومة ورئيسها وبعض أحزابها.. شكرا وامتنانا.. علّهم يرضون عنهم ويزيدونهم إنفاقا..!!!

حتّى رئيس نقابة الصحفيّين ناجي البغوري استغرب يوم أمس الخميس 7 ماي 2020 من الاجراءات المعلنة من قبل رئاسة الحكومة لفائدة الاعلام.. وقال على الاذاعة الوطنية “هذه ليست قرارات في صالح الاعلام بل شراء ذمم من أجل البدء في حملة انتخابية سابقة لأوانها.. وشراء ذمم مؤسّسات إعلامية.. وهذا اسمه برنامج الغذاء مقابل الخنوع”…!!
وأكّد أنّ “الفريق القانوني للنقابة سينظر في إمكانيّة مقاضاة الحكومة بسبب شبهة فساد”..!!
وأكّد البغوري أنّه رغم تسجيل النقّابة طرد أكثر من 170 صحفيّا خلال أزمة كورونا.. فإنّ الإجراءات الحكوميّة المساعدة للإعلام لم تتضمّن ولا إجراء واحدا لفائدة الصحفيّين.. ولا لصالح المؤسّسات المصادرة..!!

عمليّا.. فإنّ الهبات الماليّة من حكومة الفخفاخ للإذاعات والتلفزات الخاصّة.. تعني واقعيّا.. أنّ قناة مثل “الحوار التلفزي” أو “التاسعة”.. تقوم بخلاص “كرونيكورات” مأدلجين ومستقطبين سياسيّا.. يبثّون التضليل والتجهيل والحقد والكراهيّة في برامج إخباريّة وسياسيّة.. وتقوم نفس القنوات مثلا بخلاص “كرونيكورات” آخرين تافهين.. في برامج تهريج فارغة وقبيحة فنّا ومحتوى.. يقبضون كلّهم أجورا خياليّة تتراوح ما بين 10 و20 ألف دينار شهريّا للشخص الواحد.. تعتبرها الحكومة مؤسّسات “مسكينة” في حالة صعوبات بفعل الكورونا.. وتستحقّ المساعدة.. وتعفيها من بضع عشرات أو من مئات آلاف الدينارات من معاليم البثّ.. وتزيدها دعما ماليّا إضافيّا آخر بمئات آلاف الدّينارات..
في حين أنّ المواطن الذي يعيل عائلة من أربع أو خمس أفراد.. يجب أن يكتفي بهبة الدولة التي تبلغ 200 دينار ليعيش معهم جميعا لشهر كامل.. لأنّه لا يستطيع أن يقدّم الدعم الإعلامي للحكومة ورئيسها في الحكم وفي الإنتخابات القادمة.. حتّى يغدقوا عليه الملايين.. !!

فعلا.. مسكينة تونس..!!!

Exit mobile version