عادل بن عبد الله
يقولون إن الدين هو علاقة عمودية بين الإنسان وربه، ويفعلون كل شيء لينغّصوا على المؤمن تلك العلاقة العمودية (اللباس، الحج، الصوم، العقيدة، التاريخ، الرموز الخ الخ).
يقولون إنه لا يوجد معنى واحد للدين ولا وجود لمعنى نهائي ومطلق له، ولكنهم يجعلون أنفسهم مرجعا نهائيا ومتعاليا للمعنى الصحيح والأوحد والنهائي للدين.
يقولون إن الله هو من يحفظ دينه وأنه لم يُكلف أحدا بالتوقيع نيابة عنه، ولكنهم يجعلون من أنفسهم “إكليروسا علمانيا” (والتناقض في العبارة هو انعكاس لتناقض وعي هؤلاء وانفصاميته)، وهو “إكليروس” يريد أن يحتكر خيرات الدنيا وأن يوزع صكوك الغفران “الوطنية” التي تنفع في طرق الآخرة (وهو استنساخ “معلمن” للكنيسة ومحاكم تفتيشها).
يدّعون الدفاع عن حقوق الإنسان وحرية الاعتقاد، ويحاربون كل اعتقاد يخالف أساطيرهم “الحداثية”، ولا يعتبرون المتدين أصلا “إنسان” حتى يدافعوا عن حقوقه ومقدساته. يعتبرون المس والمقدسات الدينية حرية تعبير، أما المس من مقدسات “النمط” فهو جريمة ورجعية وخيانة للمشترك الوطني.
يدْعون إلى التعايش وثقافة الاختلاف، ولكن صدورهم تضيق بكل من لا يشبههم. يحتكرون الحداثة والتقدمية والعقلانية، وهم لا يملكون الجرأة على الاشتغال النقدي على ذواتهم فكأنهم حق مطلق أو عقل مطلق في التاريخ.
يرفضون المزج بين الدين والسياسة، وما قامت دولتهم في لحظتيها الدستورية والجمعية إلا على احتكار الدولة للدين وتوظيفه لخدمة الحكّام ولوبياتهم.
يقولون إن الله قد تكفل بحفظ كتابه وأن للبيت ربا يحميه، ولكنهم يصرون على أن يكونوا أعداء ذلك الكتاب وعلى أن يحملوا معاول هدم كل بيوته (الحقيقية والمجازية).
يعيبون على الناس دوغمائيتهم وعدم صبرهم على الاختلاف، ولكنهم لا يصبرون على أي نقد لأوثانهم وأساطيرهم وكأنها أقدس من مقدسات الشعب كله.
أولئك هم سدنة النمط ومدن الفساد البرجوازي (كما قال ماو تسي تونغ)… ولا معوّل عليهم إلا في خدمة نظام التفاهة والقائمين عليه من مدّعي الصفات والأسماء الحسنى “المُعلمنة”.