عايدة بن كريّم
أرجو أن يبلّغك احدهم رسالتي هذه، فأنا مواطنة أخوض معركتي منذ بدأت التمييز بين العتمة والنور، بين الليل والنهار، أخوض معاركي بشكل جماعي أحيانا وبشكل فردي أحيانا أخرى… انتصر أحيانا وانهزم أحيانا أخرى لكن أبدا لا انكسر…
سيدي،
القائد الذي يُعْلن حالة الحرب ويطلب من الشعب يكون جيشه الوطني الذي يبذل ويتطوع ويضحي… عليه أن يؤجل جميع المعارك الجانبية. ويكون في مستوى اللحظة استعدادا واستطاعة وحضورا.
سيدي رئيس الحكومة،
في زمن الحرب لا مكان للسياسي ولا للحزبي؛ لا للعائلي ولا للجهوي. وفي زمن التضحية لا مجال للاعدالة ولا للحسابات، فكيف تقتطع من جراية أرملة يوم عمل وأنت لا تعلم وإن كنت تعلم يا خيبة المسعى، انك لم تقتطع يوم عمل وإنما اقتطعت ثمن علبة دواء السكري او حقنة الزهايمر أو ثمن ركوبها من جندوبة لتونس العاصمة لتأخذ جرعة الكيماوي.
كيف تقبل أن ينام مواطن وهو مكظوم لأن وزارة الشؤون الاجتماعية أرسلت له إرسالية تُعلمه أن المساعدات لا تشمله وقد عاين أنها شملت من هم أحسن منه حالا وأقل منه حاجة…
كيف تمنّ الدولة على مواطنيها؟ وتجعلهم أيادي سُفلى؟ كيف تجعلهم رهائن عند المعتمدين والقناصة؟ كيف تلاحق أجهزة الدولة البائع المتجول الذي رأسماله كردونة يفرشها في سوق لا نظامية؟ وتترك الحوت الكبير يعوم في محيط هادئ ؟
كيف تطلب من الشعب العميق والزواولة أن يصبروا ويضحوا في حين أن التعيينات في حكومتك تدور على قدم وساق.
في زمن الحرب والتضحية وزراء يعينوا بالجملة وليس بالتفصيل، وزعماء أحزاب يقدّموا في مقترحات لأسماء الولاة والمعتمدين، ومعارك خفية حول المدراء العامين. وأنت تقابل وتتفاوض وتصحّح في المراسيم… وتعين في المستشارين وترضي في هذا وتقابل في ذاك.
سيدي رئيس الحكومة،
عن أي حرب تتحدث؟ حرب يخوضها فقط أولاد الحفيانة؟
حرب يتطوع فيها الموظف وتضحي فيها الحلقة الأضعف؟
الناس التي تشتغل وتنتج في القيمة المضافة والبلاد واقفة على اكتافها حطيتها في فمّ المدفع… وكل نهارين تطلّ عليها من شباك التلفزة وتشكرها على صمودها… والناس الي عمرها ما اشتغلت ولا تعرف البلاد من اين يدخلون لها صدّرتهم في المنصة الشرفية وخضعت لابتزازهم واستجبت لنزواتهم واهوائهم…
سيدي رئيس الحكومة،
بدأنا الحرب بمنسوب عال من الثقة، وكنا جنودا في معركة انت قائدها، لأننا عندنا فكرة انك طموح وشجاع ولديك توجه اجتماعي وتؤمن بالثورة، والآن وصلنا إلى مرحلة الشكّ وقريبا نبلغ درجة اللا-ثقة.
اللا-ثقة تعني نهاية الإسناد غير المشروط، وتعني أيضا أن نعود الى حربنا المقدّسة ضدّ اللا-عدالة. وضدّ التوحش، حربنا تلك نخوضها بالكلمة نزرعها في قلب الظلمة تحمل سلمى… وتولد ريم.
تحياتي… سي الياس