توفيق رمضان
بيانات ودعوات للتظاهر والنزول الى الشارع، صفحات فايسبوكية تحمل اسم تنسيقية اعتصام الرحيل 2.
كلها تحركات تهدف الى قلب الطاولة بإسقاط الحكومة والبرلمان وتسليم السلطة للجيش في مرحلة أولى حتى يتفق الجماعة على تقسيم الإرث.
استغلال رخيص للزمن الكوروني والوضع الصعب اقتصاديا واجتماعيا. في زمن من المفروض أن نتكاتف فيه ونؤجل الخلافات والصراعات لما بعد الحرب. لسنا ضد التظاهر في الشوارع والساحات للضغط أو التنديد، للمطالبة بحق، أو دعم قضية عادلة. لكننا ضد هدم البناية وإحراق الخيمة.
لنا احترازات وانتقادات للأداء الحكومي لذلك ندفع في اتجاه الإصلاح وتعديل البوصلة. لنا مؤاخذات على البرلمان كثيرة. بعض المداخلات فيه تصيبنا بالإحباط. لكن الحق الحق هناك من يشبعنا ضحكا ويخفف عنا قليلا. نعم مستويات بعض النواب تجعل الواحد «يدخل على روحو بالكف». ويقول ضاع البلد والله.
لكن رغم ذلك ما يأتيه هؤلاء القوم دعاة الفوضى والفتنة لا نقبل به. كنا نرضاه لو كان النظام استبداديا، مكمما للأفواه، مانعا للتنظم والتعددية، مستوليا على السلطة بالحديد والنار. لكن هو التداول السلمي على السلطة والتعددية الحزبية وحرية التعبير ما نتمتع به بعد ثورتنا.
قد نختلف مع من يحكم ونرى فيه قصورا أو عجزا او تورطا في الفساد أو حتى عمالة للأجنبي. لكن وجب أن نلتقي حول آليات التغيير. نريده تغييرا سلميا لا يتحقق إلا بانتخابات حرة نزيهة وشفافة. ٱما الدعوة الى العنف كما قال احدهم سيسيل الدم ليزول الهم فهذا خبط عشواء وقول من لا قول له. لانه ان دخلنا مربع العنف لن نخرج منه كما دخلناه. بل سيزيد في تشتيتنا وتفريقنا «وماناش ناقصين» فتنة وذهاب ريح.
عشنا نفس اللحظة في اعتصام الرحيل أو كما يسميه البعض الاخر اعتصام «الروز بالفاكية» تندرا وتقزيما. كان ظاهره احتجاجا على قتل الشهيدين بلعيد والبراهمي وتنديدا بحكومة الترويكا التي اهلكت الحرث والنسل كما يقولون. لكنه تحول إلى تعبيد للطريق أمام المنظومة لتعود بعد أن لزمت البيت ولم تعد تستطيع الخروج إلا بعد «تَسَفْسُرٍ» . «الفاكية» كانت لتقوية «ركايب» من لا يقدر على الوقوف على المنصة ليخطب في «الثوار». اعتلى المنصة من زوّر الانتخابات وعمل مع المنظومتين البورقيبية والنوفمبرية. تغنت به النسوة وصفق له الذكور.
أصبح الباجي زعيما ملهما «للثوار» ومجاهدا اكبرا ضد المنظومة القائمة وابتزها ونجح في مسعاه وفاز حزبه وجلس على كرسي الرئاسة وبات في غرفة بورڨيبة وانتظرت «شلته» المقربة ان «يهشتكهم ويبشتكهم» وتم لهم ذلك واقتسموا الغنيمة. لكن من عبدوا له الطريق ووسعوا له فيه خاب ظنهم في الرئيس واحسوا بالمرارة لأنه خدعهم بالقول الغليظ الذي قاله في خصومهم ثم توافقه معهم وخرج «الثوار» «من المولد بلا حمص». ولم تطر تونس رغم الجناحين.
ما نراه اليوم دعوات دبرت بليل ومدفوعة الأجر من أناس فشلت في الوصول إلى السلطة بالصندوق فبحثت لها عن ممر آخر. أرادت استعمال نفس التكتيك ونفس التسمية اعتصام الرحيل. لذلك نسألهم ماذا سيطبخون هذه المرة ؟ ومن هو «باجيهم» الجديد ؟. لكن قبل ذلك نقول لهم الزمن غير الزمن والرجال غير الرجال… لسنا بالحمقى… لن يمروا.
توفيق رمضان
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.