الأحد 1 يونيو 2025
سفيان العلوي
سفيان العلوي

اهتمام التونسيين بالسياسة

سفيان العلوي

سبق وأن كتبت في السنوات الأولى للثورة أن اهتمام التونسيين بالسياسة غير عادي. لا أجدني محتاجا إلى تعديل رأيي اليوم. ملخص الفكرة كان كالتالي: في الديمقراطيات المستقرة قلة هم من يهتمون بالسياسة بشكل دائم أما الباقي فمنصرف إلى الرياضة والموسيقى والسينما والفن بأنواعه والبستنة والموضة والجماليات والصحة وكل ما يدخل في الرفاه الاجتماعي “le bien etre”. يكون هذا بعدما يطمئن الجميع الى قواعد اللعبة وسلمية التداول وسيادة القانون والحق في العزف عليه بلا نشاز والاهم سلامة المعاش وسلم المعيش.

في الزمن الاستبدادي ينقسم الناس سياسيا الى موالين منتفعين ومحايدين وقع تحييدهم (لا مستقلين) ومقاومين (ليسو بالضرورة ديمقراطيين) وأغلبية صامتة (يمين البكوش في صدرو).
في الزمن الديمقراطي (الانتقالي!) ينقسم الناس سياسيا الى أحزاب موالية (وليس منتفعة بالضرورة) وأخرى معارضة (وليست مقصاة بالضرورة) ومستقلين (اختاروا مسافة من الأحزاب) وأقلية صامتة ولا احجام ولا مواقع ثابتة لأي فئة منها والجميع يشترك في المجال العام بأقدار حسب المواقع الطبقية وقوة الوسائط المدنية ومنها الإعلام والمجتمع المدني.

وقد تتحول السياسة الى مادة تسلية وطلب ثقافي خاصة لدى الفئات الاجتماعية المصنفة وسطى وهي أما اقرب الى الأغنياء أو اقرب الى الفقراء. تحاول المرور إلى اعلى ولا تقدر وتخشى الهبوط السريع ولا تتذكر الفقراء إلا لتزايد بغرض تحسين مواقعها نحو الأعلى. ولذلك تتغير مواقفها بسرعة. وتكون هذه المواقف أقرب الى الحس السياسي منها الى ما نسميه تجاوزا وتيمنا وعيا سياسيا. لكن الجميع يخفي توترا وحاجة الى الفهم يغطيها وهم امتلاكه.


اكتشاف المزيد من تدوينات

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً

سفيان العلوي

مازالت هناك فرصة للتدارك وللنظر من خارج ثقب الإبرة

سفيان العلوي لم اكتب عن خطاب الوزير التعبيري ولم أتوقع أن لحظة الانفعال الصادقة والتي …

سفيان العلوي

من إدارة الصراع إلى إدارة الكراهية

سفيان العلوي حري بالأحزاب حديثة العهد بالضوء ومنها تلك التي هي حديثة العهد بالمعارضة أو …

اترك تعليق