ليلى حاج عمر
مشهدان أدميا قلبي اليوم: مشهد قطط جائعة هزيلة تترجّى العابرين طعاما بمواء لطيف بعد أن أغلقت المطاعم وتركتهم للجوع على الأرصفة الخاوية، ومشهد مئات التونسيين يهرولون في الطريق الصحراوي الطويل بعد اقتحام بوابة راس جدير في مشهد سيريالي لعودة الأبناء الضالّين يمكن أن يلهم كبار مخرجي العالم ليصوغوا تراجيديّة الزمن الحديث. تراجيديا نصارع فيها “أقدارا” صنعتها “دواعش” رأسماليّة معولمة تقذف بالإنسان في قلب رحاها وتطحنه وتتخلّى فيه الدّول عن مهمّشيها المنسيين اللاهثين وراء الخبز في أيّ مكان من العالم وبأيّ وسيلة.، بعد أن أطردتهم غصبا عنهم وأذاقتهم الخذلان.
ولكنّ المشهد الأول قاس أيضا. إنّه مشهد لخذلاننا لمن حولنا من الكائنات التي تشاركنا الهواء. وربّما رحمتنا بهم تعلّمنا الرحمة بالإنسان الذي يشاركنا الهواء أيضا، فلا نتّهمه ولا نتحامل عليه… إنّه الاختبار الأكبر لقدرتنا على الدّفاع عن الإنسان فينا.
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.