Site icon تدوينات

أعور لي عيني أو سخافة نزيهة رجيبة

نور الدين الغيلوفي

نور الدين الغيلوفي

نور الدين الغيلوفي

يعرف الجميع النكتة الخرافة التي تقول: إنّ شخصين خرج لهما عفريت من قمقمه وسألهما أن يطلبا ما شاءا وقد فُتح لهما بابُ العرش.. ولكنّه اشترط عليهما أن ينال الثاني ضعف ما يطلبه الأوّل.. وبعد تفكير نطق أوّلُهما فقال للعفريت:

“أعور لي عيني”

باتت عبارة “اعور لي عيني” مثلا يردَّد في سياقات مشابهة لسياق الحكاية.. ولعلّه يوافق ما نحن فيه من لغط بشأن وزير الصحة الذي شاءت المقادير أن يكون على رأس وزارة تقود معركة البلاد ضد الوباء.. وشاءت الديمقراطية التوافقية الاضطراريّة أن يكون الوزير من حركة النهضة الإسلامية التونسية…

نزيهة رجيبة
نزيهة رجيبة

وبدل أن يُترك الرجل لعمله.. وعوض أن يُساعَد بمستطاع الإسعاد أو بترك الهذيان نرى لنا بالبلاد أبطال كلام يرجمونه بألسنة حِداد يحصون حركاته ويلهثون خلف أنفاسه يدخلون في ساعات نومه ويتسلّلون إلى أوقات يقظته.. فإذا اختار له مساعدا هاجموه وإن هو صرّح بتصريح غربلوه وإذا شقّ طريقا قطعوه.. حتّى كأنْ لا شاغل لهم سواه فهم يكسرون الحجْر بالهجوم عليه.. يطلبون إخفاقه ليلعنوه ويتعامون عن نجاحه كي لا يذكروه…

هؤلاء لا يطمئنّون إلى فعل ينفع الناس ينجزه وزير الصحة عبد اللطيف المكي النهضوي غير النمطيّ وأعوانه في حربهم على فيروس كورونا الوبائيّ.. سيؤذيهم نجاح الرجل ويصيب نفوسهم بما لا تطيق ويحول بين الكلام وبينهم…

هؤلاء لا يملكون ألسنة ثناء ولا يحسنون أن يقولوا للمحسن أحسنتَ خاصّة متى كان المحسن من حركة النهضة.. فأبناء النهضة عندهم لا يحسنون بل يسيئون.. ولا ينجزون بل يفشلون.. ولا ينفعون بل يضرّون.. ولا يرونهم في غير مرمى اللعن.. كأنّهم صُنعوا من غير طينة آدم التي نسل منها أولئك العباقرة المبرّزون…

النهضويّ لدى هؤلاء سجين لا يشفقون عليه أو قتيل لا يترحّمون عليه أو شريد لا ينتبهون إليه.. ما سوى ذلك لا يحقّ له شيء.. وكلّ فعل من نهضوي لا يقبلون به ولو كان من جنس المعجزات… ثقافة فصل عنصري كريهة يستأنف هؤلاء إنتاجها وقد مات زارعها المخلوع.. وتركها لهم ميراثا يسبحون فيه…

وحتّى الذين كانوا يُحسبون على العقلاء أضجرهم المكث في البيوت وتعكّرت أحوالهم وتخثّرت أمزجتهم ولم يجدوا لهم فعلا يليق بهم.. فحرّكو أعضاءهم بمهاجمة عبد اللطيف المكي…

المكّي من النهضة وأبناء النهضة، عند هؤلاء، من سلالة الشياطين الذين لا وقاية من الفيروس بغير اصطيادهم… باللعنات.. كما فعلت شيخة النضال نزيهة رجيبة التي كانت أمًّا لزياد.. تركت رجيبة النزيهة الطاعون وأفعاله .. والمصابين وما يعانون.. والأموات وما صاروا إليه، كأنها أمنت مصيرهم، ولبست جبّة سُخف التصقت بها من أثر الحجر وفرط التعفّن…

قيل إنّ العجوز جيء بها للاستشارة بعد أن باتت أداة إشارة.. وهي في حقيقتها عاجزة عن كلّ مشورة إلّا ما ترسّب في عكارتها من خلاصة للأذى علقت بها وصارت دليلا عليها.. آخر عمل أذكره لها قولُها للغنّوشي حين دعت عليه بما حفظته عن أمّها “تلقاه بين وجهك والكفن”…

أما آن للعجوز أن تدعوَ لنفسها، والطاعونُ يجوس خلال النفوس ورمضانُ على الأبواب، فتقول “واجعل خير أعمالنا خواتيمها”.. ولكن من أين ستأتيها الذكرى وقد بلغت من العمر أرذله حتّى لم تعد تعلم من بعد علمٍ شيئا…
سوى الأذى؟

يبدو أنّ منّا، نحن التونسيّين، من هم أشدّ خطرا من الفيروس.. الفيروس قد يُوجد له مصل يقضي عليه.. أمّا هؤلاء المفريَسون فلا مخابر تحسن وصفهم لتُرسل عليهم الأمصال المناسبة.. خفافيش عالقة بالوطن تشدّه إلى الخلف بأسماء يخادع لمعانُها… لا فرق فيهم بين محمّد بوغلّاب وسمير الوافي وبرهان بسيّس وعماد بن حليمة ونزيهة رجيبة

رحم الله أمّ زياد…

Exit mobile version