الأحد 1 يونيو 2025
توفيق رمضان
توفيق رمضان

رؤوس تحت الزاورة ورؤوس فوقها ريشة

توفيق رمضان

نعم قال الفخفاخ في اطلالته التلفزية «ما فمة حد على راسو ريشة» في تونسنا «البية». حكومته تؤمن بالدولة القوية العادلة التي تفرض القانون على الجميع. على القوي قبل الضعيف وعلى الميسور قبل المعوز وعلى القريب قبل البعيد. فسررنا بالخطاب وقلنا أعانه الله.

تجاوزنا ما كان لنا من مؤاخذات على بعض الإجراءات التي اتخذتها وزارة الشؤون الاجتماعية. قلنا هي نقائص ربما تعود لنقص في الخبرة وللوضعية الغير مسبوقة التي تشهدها بلادنا. لكن البلاغ الأخير الصادر عن وزارة الثقافة جعلنا نعيد الحسابات وتقفز الى الذهن كلمات الفخفاخ من أن حكومته «ما يكبر في عينها حد».

تم إقرار الحجر الشامل وفرض حظر التجول لمنع انتشار العدوى والتقليص من آثارها في ظل وضعية الصحة العمومية المتردية. تعطلت الدروس وأغلقت المساجد ومنعت التجمعات وأُلزم الجميع بالبقاء في المنازل. حتى العامل الذي لا يستطيع توفير قوت يومه بقي في المنزل وامتثل للحجر وقال «غمة وتزول» وما هي إلا أيام معدودات نصبر عليها. لكن الظاهر أن أصحاب الريش على الرؤوس لم يستطيعوا مع الحجر صبرا. لذلك تحركت ماكيناتهم واذرعهم للحصول على ترخيص لتصوير إنتاجاتهم الدرامية لشهر رمضان المعظم. أصدرت وزارة الثقافة بلاغها الذي أعلنت فيه السماح للمنتجين والتلفزات بتصوير مسلسلات تساعد المواطنين على البقاء في منازلهم وتهون عليهم وحشة الحجر.

لن أعود الى تفاهة إنتاجنا الدرامي في السنوات الأخيرة و«الريق البارد» الذي يمررونه في أيام رمضان والذي لا أراه يخفف من حدة الحجر (احكي عن نفسي على الأقل) بل يزيدنا همّا وغمّا. البلاغ أسس الترخيص لتجار الدراما (على رؤوسهم ريشة) على إحساس الحكومة بمن «رؤوسهم تحت الزاورة» والمساكين من أمثالي وبما سيعانونه من قلق إن طالت فترة الحجر. لذلك رأفة بنا وليرفهوا عنا ويقللوا من كدرنا تكرموا على المنتجين بقرار كهذا. ليراكموا مزيدا من الأموال من وراء الومضات الإشهارية .

سيدي رئيس الحكومة وسيدتي وزيرة الثقافة لما لا تقولان أن المستشهرين وعقود الإشهار الممضاة هي الدافع لاتخاذ هذا القرار. لماذا الإصرار على استغبائنا و«تدغيفنا» وتصوير الأمر كمنّة منكم علينا وأن القصد من الترخيص هو توفير أسباب السعادة لنا. هل المخرجون والممثلون وفرق التصوير محصنون من الكورونا ؟ ولا خوف منهم على العائلات والأصدقاء؟ هل سيحترم الممثلون مسافة الأمان ؟. هل سينقص من صيامنا شيء إن لم نشاهد مسلسلا ؟ هل سيؤدي الممثلون أدوارهم وهم بكمامات توثيقا للجائحة ؟. يوم الاثنين سيخرج الناس أفواجا أفواجا لمراكز البريد وسنرى الطوابير أمام المعتمديات هل نعتبرهم «figurants» في مسلسلات رمضان ؟.

بلاغ وزارة الثقافة يمكن أن يشجع وديع الجريء على اتخاذ قرار استئناف المنافسات الرياضية. فقد سبق له أن خالف الاجراءات وأجرى جلسة عامة انتخابية وأرانا الريشة التي فوق رأسه.


اكتشاف المزيد من تدوينات

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً

توفيق رمضان

خلف الباب

توفيق رمضان ينزل من على دراجته الهوائية، يضع الكيس المملوء بقوارير البلاستيك وعلب الجعة بجانب …

توفيق رمضان

ألعاب الفقراء

توفيق رمضان لم تكن لنا ألعاب كثيرة… لم نزر يوما مدن الألعاب.. بل لم نكن …

اترك تعليق