الثلاثاء 8 أبريل 2025
فتحي الشوك
فتحي الشوك

عندما يبكي الوزير

فتحي الشوك

صعبة هي الكتابة أيام الكورونا وكأنّها عمليّة قيصرية في ظروف استثنائية والأصعب من ذلك هو الخروج بحكم سليم وسط عواصف المتناقضات.
كتبت منذ أسبوع متفائلا وكأنّي أرى بصيص نور في نهاية النّفق المظلم، هي بعض البساطة أو التبسيط أو التفكير السطحي وربّما المتسرّع وقد يكون ذاك الطّفل الذي يسكنني والذي تعوّد على النًجاة مهما كانت صعوبة اللحظة هو ما يجعلني أنثر بعض الأمل هنا وهناك، هي طوباوية ونظرة وردية لصورة تزداد سوداوية.

دموع الوزير أيقظتني من حلمي الذي بدأ يتحوّل الى كابوس، عبرات ترسم صرخة ما قبل الكارثة.
والغريب أنً بعض الطفيليات وخفافيش الظّلام، ممّن يتمعّشون من المحن ويتاجرون بالدّم والوطن، لم ترق لهم تلك الدموع فذهب بعضهم إلى أنًها إعلان فشل وراية استسلام في حين دقّق آخرون في منبعها فرأوها تنسكب فقط من مقلة اليمين.
ولا غرابة في ذلك فيمن يعتقد أن هذا الفيروس ماوي أحمر أتى لنصرة البروليتاريا ودحض الرأسمالية المتوحّشة في حين يرون آخرون انّ هذا الوباء هو نتيجة مباشرة لثورة البرويطة، بينما تذهب قلّة الى أنّه انتقام للمغدور أبي بكر البغدادي !

هي معركة واحدة ضدّ عدوّ خفيّ لم يكشف بعد كلّ أوراقه عجزت أمامه أقوى الأمم، من المفترض أن تقاد بجسم واحد وعقل واحد وروح واحدة، لكن يبدو أنّ للبعض وجهة نظر مختلفة، فأصحاب المال الفاسد غير مستعدًين لخسارة جزء من ثروتهم الّتي راكموها من عرق ودم شعبهم حتى ولو غيّب الوباء جزء منه، وقد ابتدأت أبواقهم تروّج لسياسة مناعة القطيع تلك التي ذهب ضحيتها أوّل من حاول تطبيقها.
وفئات أخرى تسيّس في الوباء وغير مستعدّة لتقبّل نجاح طرف تستعديه حتى ولو كان ثمن ذلك التضحية بعشرين ألف تونسي أو أكثر.
دموع الوزير تنذر بوقوع كارثة فهل بإمكاننا تدارك الأمر وتفاديها لنخرج باخفّ الأضرار؟
لا يمكن التعويل على وعي التونسي فقط، وعي عملوا على تغييبه لأجيال لا يمكن أن تجده حينما تريد، ولا بدّ للدّولة أن تمارس مشروعيتها في تطبيق القانون وردع المخالفين والمستهترين، العنف المشروع الذي تحتكره الدولة والتي لها تقاليد في ممارسته طيلة عقود وخارج إطاره المشروع!
لا بدّ من الصرامة والحزم وتطبيق القانون ولا بد أيضا من إيجاد صيغ أخرى لتقديم المعونات وتنظيم ذلك حتى لا يتكرر ما قد أوصلنا إلى ما قبل الكارثة.

نعم بإمكاننا تفادي الأسوأ بمزيد من الالتزام بالحجر الصحّي والمعركة متواصلة.
حفظنا الله و إيّاكم من الوباء و من كلّ داء.

د. محمد فتحي الشوك


اكتشاف المزيد من تدوينات

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً

فتحي الشوك

لا يواجه هذا “الجنون” إلّا بقدر من التحدّي المجنون

فتحي الشوك بعضهم لم تستفزّهم تصريحات ترامب الوقحة والفجّة بقدر ما أثارتهم كلمات أحمد داوود …

فتحي الشوك

لنبحث لحيواتنا عن معنى

فتحي الشوك انتحار كهل أربعيني شنقا في جبل جلود، شاب يضرم النّار في جسده في …

اترك تعليق