لماذا لا تتنافس الأحزاب في تقديم خدماتها ؟

نور الدين الغيلوفي

• كان هدف تجفيف منابع الإرهاب هو ما حمل السيد كمال الجندوبي، الذي عمل في حكومة الحبيب الصيد وزيرا مكلَّفا بالعلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني، على حلّ الجمعيات الخيرية التي كانت تنفر إلى تقديم خدماتها في مثل هذه الظروف التي تعيشها البلاد.. وبما تقدّمه تلك الجمعيات يساعد المجتمع المدنيّ الحكومة وقد ينوب عنها في الوصول إلى الفقراء ومحتاجي السند.. بل في تجهيز المستشفيات.. ولأجل مثل هذه الوضعيات جُعلت الجمعيات المدنيّة المسمّاة خيرية… وكونها خيرية لا يعني ضرورة منعها من النشاط كأنّ الخير قرين التديّن.. والتديّن سبيل الإرهاب…

• خطأ كمال الجندوبي أنّه، بما كان يستهدف من محاربة الإرهاب، جفّف منابع الخير وقطع الأشجار المثمرة ومزّق أوصال المجتمع ونزع التراحم منه وحوّله إلى صحراء جرداء لا ماء فيها.. وقضى على بذرات للتعاطف نبتت مع رياح الحرية التي هبّت مع الثورة…

في هذه الوضعية الوبائية التي تتفاقم كلّ يوم تحتاج البلاد إلى أن يتنافس الجميع في مساعدة الجميع..

• لتتنافس الأحزاب لو شاءت ولتقدّم ما تستطيع للناس ولتوظّف الأمر كيفما شاءت… فحيثما كان نفعُ الناس وجب أن يكون السياسيُّ والنقابيُّ والإعلاميُّ والمثقّفُ.. وهذا الظرف الذي نعيشه إنّما هو امتحان للجميع.. ومن كان للناس أنفع كان أجدر بمحبّتهم وأهلا لأن يحظى بأصواتهم في مواعيد الانتخاب.. في النفع فليتنافس المتنافسون.. ولنجعل المحنة فرصة لامتحان أحزاب ظلّت خطابات حملاتها الانتخابية معلّقة على صلبان كذبها واحتيالها على الناس… ولتكن هذه الجائحة مناسبة لتقديم الأفعال بعد أن انكشف زيف الأقوال.. وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ.. وعند الشعب.. وليس يعيب حزبًا قدّم بين يدي الشعب عملا نافعا أن يستفيد في لاحق الاستحقاقات الانتخابيّة.. أليست الأحزاب تُنتَخب لأجل تقديم خدماتها لناخبيها؟

• ولتسهّل التشريعات لتكوين جمعيات خيرية يتطوّع أصحابها لخدمة الناس في ظلّ القانون ولتكن غاياتهم ما تكون.. فما يرونه لغير الشعب، مِنْ نَفْعٍ في مثل هذا الظرف، لا يكون لغيره…

• فيروس كورونا أشدّ فتكا بالحياة من الإرهاب.. والتصدّي له يحتاج جهودا متضافرة.. وليس من المعقول أن نحجز الناس عن فعل الخير للناس بدعوى الاستغلال السياسيّ.. وإذا أراد نبيل القروي أن يذهب إلى الناس في الأرياف ويقدّم خدماته بين يدي الفقراء فليفعل ولا شيء عليه.. وليأخذ معه قناته التلفزيونيّة.. الجائحة قد لا تمهلنا لمزيد التراشق بخطاب سياسويّ أخرق قد يظلّ معلّقا في الفضاء بعد أن يعمّ البلاء ويستفحل الوباء ويموت من الناس كثير…

• الدولة مقيّدة بمؤسّساتها محكومة بالقوانين مشدودة إلى التجاذبات.. عاجزة عن التصدّي، وحدها للوباء.. والموت لا يفرّق بين الحطب.. فكلّ الحطب وقوده.. ولندَعْ المبادرة للمجتمع وجمعياته عسى أن يكون في تحرير المبادرة ما يخرجنا من وضع الارتباك الذي نعيشه…

ولنستفد ممّا يجري في مختلف الأنحاء…