توفيق رمضان
فيديوات تظهر طوفانا من البشر قبالة كل معتمدية وأمام كل مركز بريد. الحكومة اتخذت إجراءات مساندة ظرفية استثنائية للعائلات المعوزة ومحدودة الدخل وكذلك للفئات والمؤسسات المتضررة من الحجر.
البعض يعجب ويستغرب من هذه الفيديوات ومن عدم تقيد الناس بالحجر الصحي لما لاحظوه من ازدحام واكتظاظ والتصاق. فهل أن التونسي لا يخاف الكورونا وغير واع بمخاطرها وسرعة انتشارها ؟ ولذلك يفرط في حياته من أجل الحصول على المنحة. ام ان الحكومة هي المخطئة باتخاذها إجراءات دون إعداد مسبق لطريقة تنزيلها وإيصالها للناس في كنف احترام الحجر الصحي الشامل ؟. هل أن وزارتي الصحة والشؤون الاجتماعية تعملان دون تنسيق بينهما ؟ كما حصل بين وزارتي الوظيفة العمومية والنقل سابقا عندما لم تواكب هذه الاخيرة من خلال توقيت رحلات الحافلات والميترو تغيير مواقيت العمل.
ماذا ننتظر من مواطن لم يفعل غير الامتثال لبلاغ وزارة الشؤون الاجتماعية وذهب لتسجيل اسمه عند العمدة أو المعتمدية ممنيا النفس بالحصول على مبلغ يساعده على مجابهة متطلباته لأنه لا يكفيه لشهر كما قدرت الحكومة. لان مائتي دينار لا تعني شيئا في زمننا هذا فهناك من لا تكفيه سجائرا لنصف شهر. المواطن يسيطر عليه ارث من عدم الثقة في الدولة ومؤسساتها لذلك تراه يقول «الإعانات توا تمشي من غادي لغادي» إن لم أبادر بتسجيل اسمي.
أكيد هناك من ذهب لتسجيل اسمه وهو غير محتاج أو سبق وتمتع بمساعدة تحت عنوان آخر. لكنه لم يأت بدعة بذلك. مثله مثل المحتكرين والمستثمرين في الجوائح ومثل رؤوس الأموال الذين يبتزون الدولة ويمتنعون عن لعب دورهم الوطني ومد يد المساعدة لها.
دولتنا الموقرة بعد أكثر من نصف قرن من الاستقلال وفي عصر الرقمنة وكل تلك الخطابات التي ملأت بطوننا فنفختها كذبا. لا تملك سجلات تبوّب فيها العائلات لتحصر جماعة الكرني الاصفر والكرني الأبيض وصغار الفلاحين وكبارهم وأصحاب الباتيندات والعمال العرضيين أو الهامشيين ممن لا يتمتعون بأي نوع من التغطية (عامل يومي).
ماذا يفعل العمد طيلة هذه السنين ؟ وماذا تفعل الإدارة ؟ اين معهد الإحصاء ؟ كيف يعمل الباحثون في علم الاجتماع ؟ على ماذا تشتغل وزارة الشؤون الاجتماعية بمرشديها ووحداتها المنتشرة في كل معتمدية ؟ الاستبداد كان يملك بطاقة عدد 2 لكل مواطن عند الداخلية حتى انها تعرف عنه أكثر مما يعرفه عن نفسه وتعرف تركيبة عائلته وشغله ودخله فلم لا تلجؤون إلى إجراء كهذا الآن في هذه الجائحة وتجرون بحوثا وتجعلون لكل مواطن فيشة او لكل عائلة فيشة.
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.