صالح التيزاوي
قامة من قامات الفكر الإسلامي والإنساني، ليس في مصر وحدها، بل في العالم العربي والإسلامي، رحل عن هذه الحياة الفانية… رحل محمّد عمارة وقد ترك مدوّنة فكريّة ضخمة، تحتوي على ما يقارب المئتي كتاب بين تأليف وتحقيق في مجالات معرفيّة متنوّعة، وأكثر من ذلك مقالات في الصّحف المصريّة والعربيّة.
عرف عنه بأنّه مفكّر إسلامي مستقل، ينتمي إلى المدرسة الوسطيّة في منهج الإحياء والإنبعاث.. كتب في نقد الغلاة والمتطرّفين العلمانيين والتّغريبيين فوصفوه بالمحافظ ورجل الدّين التّقليدي، وكتب في نقد الغلاة والمتطرّفين من ذوي الإتّجاهات السّلفيّة والتّكفيريّة، فوصفوه بالعلماني الخارج عن الدّين، وكتب في انتقاد الظّلم الإجتماعي والإستبدادي السّياسي وغياب القيم الإنسانيّة، فوصفه أركان نظام حسني مبارك بأنّه “كاسحة ألغام” للمعارضة المصريّة بمختلف تشكيلاتها.
قوّة هذا المفكّر تكمن في قدرته على المراجعة، فقد تحوّل من الماركسيّة إلى الإسلام، ومع تحوّله للفكر الإسلامي، لم يفقد القدرة على التّأثّر والتّأثير. حيث حافظ رحمه اللّه علي خصوصيّة المفكّر المسلم دونما انغلاق وانفتح على الثّقافات والحضارات الإنسانيّة دونما ذوبان. ومن معالم قوّته الفكريّة أنّه ظلّ طوال حياته وفيّا لمنهج الوسطيّة، فدعا الشّباب المسلم إلى التّمسّك بقواعد التّغيير السّلمي في أوطانهم دونما جنوح إلى التّطرّف والإرهاب رغم قسوة مشهد الحكم في الوطن العربي.