نصر الدين السويلمي
عندما قرر الباجي أن يترجل الحبيب الصيد من على القصبة ترجل، وعندما قرر أن يترجل الشاهد استجاب وشرع في حيثيات الترجل، لكن المكالمة التاريخية مع الغنوشي نفخت في الولد الندائي وارتقت به من حارس صرفه الأمير فاستعد للانصراف، الى وزير يناطح الأمير، عندها ادرك الباجي ان التعنت المفاجئ للشاهد ليس من بنات أفكاره ولا هو بنت أذنه ولا أنفه ولا قلبه ولا أي من أعضائه واطرافه، ساعتها أدرك المرحوم ان صدامه سيكون مع الشيوخ وليس مع الغلمان، من ثم انطلقت القصة التي لا دخل للشاهد بها، كانت المعركة الصامتة تدور بين شيخ النداء وشيخ النهضة، وانتهى المد والجزر بتثبيت الشاهد، حينها وعندما كان السبسي يودع الغنوشي في لقاء الفراق ختم المشهد ببيت شعر ارسل به ابن حمديس لابن عباد “تجيء خلافاً للأمور أمورُ… ويعدل دهرٌ في الوَرى ويَجورُ”، لم يكن الشاهد غير مقلمة وقرطاس تروح وتغدو بين ابن عباد وابن حمديس.
تواصل الشاهد مع قيس سعيد بعد ان اقنع حزب التيار وحركة الشعب بحكومة رئيس يقودها هو بنفسه، ويكون فيها لقيس سعيد كما كان الحبيب الصيد للباجي قائد السبسي، ثم استنسخوا واقعة الصورة، لكنهم غيروا الوجهة، هذه المرة لم تكن 26 شارع جمال عبد الناصر، بل استدرجوا الغنوشي الى قصر الضاحية الشمالية، ثم لم يضعوا فوقه صورة الزعيم بل تموقع الرئيس بين الغنوشي وبين الزعيم المفترض! كانت الدعوة واضحة، رئيس الجمهورية قيس سعيد سيلتقي برؤساء النهضة والتيار والشعب وتحيا! نعم وتحيا وليس رئيس الحكومة!! لكن الترتيبات كانت تشير إلى غير ذلك، أعدت المائدة المستديرة بعناية فائقة، رؤساء الأحزاب الثلاثة على يمين الرئيس ورئيس الحكومة المفترض على يساره مع المستشارين! ذلك هو العرض الصامت.. وذلك هو الفخ.. لكنها لم تكن قبّرة، كان العصفور من سلالة النيغل، كان قد تعرف قديما إلى ثقافة الفخاخ.
فجأة انهارت أحلام الفتى الندائي، بعد أن قالها زعيم النهضة وغادر المكان “إلّي فات ماعادش يرجع”، ربما وحين كان يهم بمغادرة غرفة العمليات، ربما تمتم الغنوشي: وإن كنت أنت الفتى الزريابي فإنني أنا الشيخ الموصلي.
