عبقريتهم في إضاعة الفرص
سامي الشايب
يتحرك الفاعل السياسي في أي بلد في العالم من تعريف المستشار الألماني بيسمارك للسياسة بأنّها «فن الممكن»، ولكن المعارضة عندنا في تونس لا تستغل الظروف الممكنة للتقدم للأمام بل أثبتت على امتداد عدة تجارب اكتشافها لمفهوم جديد وممارسة مغايرة تستحق عليها بلا شك «براءة اختراع» إذ تجندت لصنع تعريف مغاير للسياسة، فهو عند معارضتنا «فنّ إضاعة الفرص الممكنة» وعندما أعاين كل ما أضاعوه من فرص تاريخية من بداية الثورة إلى الآن تحضرني بقوة مقولة الرئيس السادات الخالدة «هؤلاء يجب أن يحاكموا بتهمة الغباء السياسي”.
كان رئيس مصر أنور السادات، في سعيه لتثبيت حكمه في مراحله الأولى في مثل هذه الأيام من عام 1971، يستعد للتعامل مع من سماهم «مراكز القوى» بتهمة التآمر عليه عن طريق التنصت على محادثاته الهاتفية، لكنهم بعد ذلك لجأوا إلى ما كانوا يظنون أنه سيكون ضربة قاضية فقدموا استقالة جماعية، فما كان منه سوى أن قبلها ببساطة وأطلق جملته العبقرية: “دول لازم يتحاكموا بتهمة الغباء السياسي”.
شيء من هذا القبيل، بمعنى من المعاني، حدث في مشاورات تشكيل الحكومة في قصر الضيافة إذ أضاع بعضهم فرصة الإصلاح والمشاركة لمحاربة الفساد… ألا يستحق المواطن المسحوق من غلاء الأسعار وارتفاع التضخم الإسراع في تشكيل الحكومة والقبول بضمانات وقتية للتقدم إلى الأمام.
فقد أثبتوا للجميع عبقريتهم في إضاعة الفرص، ودخلوا في بحر لجي من الخصومات، وأشير أخيرا أنه في الانتخابات الألمانية الأخيرة حدث تقارب في النتائج بين الحزب الديمقراطي المسيحي بقيادة أنجيلا ميركل والحزب الاشتراكي فهل وقع صدام وتعطيل للبلاد؟ بل العكس اتحد الجميع وشكلوا حكومة توافقية رغم أن الخلافات بينهم تعود للثورة السبارتكية التي قادها زعيم الحزب الاشتراكي كارل لينخت سنة 1919.
نعم لقد تجاوزوا 100 سنة من الخلافات من أجل ألمانيا… هذا درس ألماني مميز وخريطة طريق للنجاح، وكما قال المستشار الألماني بيسمارك “السياسة هي فن الممكن”.
دكتور سامي الشايب