نصر الدين السويلمي
صحيح أن قيادات الجماعة والاتجاه والنهضة أسهمت في تأثيث مشروع اليوم، لكن ماذا تصنع القيادة إذا كانت بلا قواعد! لذلك لا مناص من الاعتراف بأن النهضة خرجت من جميع ألغام المحنة والمنحة بفضل قواعد تحتكم على نوعية نادرة من النفس الطويل، قواعد تحسن تجاري المحن وتتأقلم معها، قواعد تحسن تتماسك عند المنعرجات الحادة، قواعد ثبتت في محنة الثمانينات والتسعينات، ثبتت في محنة التوافق بل زلزال التوافق حين قاد الغنوشي شراكة حكم مع شريك وشركاء بن علي! حينها كانت القواعد موقنة بفساد التوافق لكنها خيرت الصبر على مفسدة التوافق حتى لا تقع في مفسدة أكبر، مفسدة تصدع الحركة أو انخرامها.. ثم ومع الوقت بدأت الساحة تحسّن من هندام التوافق وتهذيبه وتقبل به الى ان اعتبره البعض غداة جنازة السبسي واحدة من صور التعايش الكبرى التي تميزت بها تونس عن غيرها من دول الربيع العربي، صورة ليس أفضل منها غير مفخرة الترويكا.
واليوم وبعد كل تلك المحن، تعيش القواعد محنة أخرى، محنة الاحتكاكات الداخلية التي فشلت القيادة في إدارتها ثم فشلت في السيطرة عليها لتبقى داخل سياقاتها الطبيعية، وتلك سلوكات مخلة في حق قواعد تواجه خصوم الداخل والخارج تواجه الحياة ومتطلباتها ثم تجد نفسها في مواجهة مشاغل داخلية تطفح فوق منابر خصومها!!! من الصعب ان لم يكن من المستحيل ان تجد قواعد زهدت في السلطة وزهدت في المال وزهدت في المناصب وتوجهت الى قياداتها بطلب واحد “هنوا على رواحكم وما تفضحوناش قدام الي يسوى والي ما يسواش”.
نحن لم نسمع بقواعد النهضة منقسمة على نفسها، قواعد صفاقس تتراشق على منابر إعلام العار مع قواعد بنزرت وقواعد الكاف تستنفر قواعد بن عروس وهكذا.. نحن راينا قواعد تاريخية معدمة مهشمة من وقع السجون والمحن، واخرى حديثة تعاني حاجيات السوق الملحة ومتطلبات العيش القاسية، رغم ذلك هي ماضية في الوفاء لمشروعها التاريخي، هي لا ترغب في خيانة سحنون والزرن والخماسي والمطماطي وبركات، لا ترغب في خيانة عبد القادر سلامة.
إذا كانت القواعد ماضية في خوض معارك طاحنة على جبهة الثورة وجبهة الاستئصال وجبهة الإعلام وجبهة عيال زايد وجبهة عبيد عيال زايد وجبهة حفتر وجبهة السيسي وجبهة الأورام المؤدلجة في الداخل والخارج، وجبهة لقمة العيش وجبهة ورقة الضو وجبهة صور الأشعة وجبهة علوش العيد وجبهة الأدوات المدرسية وجبهة الدم والسكر والغدد والروماتيزم.. ثم وبينما القواعد غارقة في طرناطة من المعارك الى الاذقان، تطل عليها القيادة وترمي لها بمشاكلها الداخلية..عار.. عار… عار… عـــــــــــــــــــــــــــــار!