كلّ الأشياء تأخذ وقتها..
عبد اللّطيف درباله
لا شيء في الدنيا يحدث في لحظة.. أو بين ليلة وضحاها..
كلّ الأشياء تأخذ وقتها..
تحتاج شجرة الزيتون إلى خمس سنوات كاملة ليكتمل نموّها وتنضج وتنتج..
وتحتاج النخلة إلى سنوات أطول لتصل إلى قمّة إرتفاعها..
ويحتاج الإنسان إلى ثمانية عشرة سنة ليكتمل نموّ جسمه وعقله..!!
كذلك الثورة التونسية.. تحتاج إلى سنوات لتنمو.. وتكتمل.. وتثمر..!!
في مثل هذا اليوم 17 ديسمبر من سنة 2010.. اندلعت شرارة الثورة التونسيّة صدفة.. بحادث عرضي أليم في سيدي بوزيد.. وجد صدى في قلوب شريحة واسعة من الشباب.. ومن الشعب التونسي..
قلوبا متأجّجة وملآنة.. كانت فقط تنتظر فتيلا لتشتعل..!!
مهما كانت المآخذ على مآل الثورة التونسيّة..
مهما كانت النقائص..
مهما كانت أوجه الفشل..
مهما كانت الخيبات..
فإنّ تسعة أعوام في حياة الشعوب لا تعني شيئا..!!
وإنّ كلّ الثورات في العالم احتاجت وقتا لتكتمل.. وتنضج.. وتحقّق أغلب أهدافها الرئيسيّة.. وتنجح..!!
أوروبّا.. وأمريكا.. عرفت سنوات طويلة من الجهل والتخلّف والفقر والأزمات والمشاكل.. وحتّى الحروب الأهليّة والخارجيّة.. قبل أن تعرف الطريق نحو النجاح والرخاء والثراء..!!
وكلّ هذه البلدان المتقدّمة سياسيّا.. والمتطوّرة معرفيّا.. والمزدهرة اقتصاديّا.. أخذت وقتها لتصل إلى ما وصلت إليه..!!
لذا فإنّ ما يحدث في تونس خلال كلّ هذه السنوات بعد الثورة.. هي أمور عاديّة.. ومسار طبيعيّ.. وظروف عاشتها كلّ البلدان التي مرّت بأحداث وظروف مشابهة لتونس.. وعرفت ثورات شعبيّة وسياسيّة.. وإسقاط للأنظمة الحاكمة.. وتغيير لأسلوب الحكم..!!
فصبرا جميلا..!!!
المهمّ أن لا نرجع عن طريق الحريّة والديمقراطيّة..
وما عدا ذلك فهو مسألة وقت..
إلى أن يأتي من ينفع تونس من الحكّام الوطنيّين المتنوّرين..!!
تحيا الثورة التونسيّة..
تحيّة لكلّ المساهمين في الثورة من التنظير لها.. ومن النضال زمن الديكتاتوريّة.. ومن معارضة بن عليّ.. إلى الثائرين المتظاهرين في الشوارع منذ يوم 17 ديسمبر 2010.. في سيدي بوزيد والقصرين والرقاب وتالة.. ثمّ بقيّة المدن الأخرى..
تقبّل الله ضحايا الثورة شهداء..
شفى الله جرحى الثورة.. وعوّضهم خيرا..
وتحيا تونس دائما..
يقيننا أنّ اليوم هو أفضل من ما قبل الثورة..
وأنّ “بعد الثورة خير”..!!
وأنّ الغد سيكون أفضل..
لكنّه الغد سيكون أفضل ليس بمجرّد الأمنيات والانتظار.. وإنّما بفضل إيماننا وأملنا وثباتنا وعملنا وسعينا وحبّنا لتونس..
وبفضل طموحنا المتقّد الذي لا ينطفأ للعيش في وطن أفضل..
نحن.. وأبناءنا.. وأحفادنا..
ومرّة أخرى.. دائما.. وأبدا..
“إذا الشعب يوما أراد الحياة..
فلا بدّ أن يستجيب القدر”..