للتاريخ

نور الدين الغيلوفي

تابعت حلقتَي برنامج “للتاريخ”.. وقد حاور فيهما برهان بسيّس السيّد رضا لينين منظّر مشروع الرئيس قيس سعيّد.. مشروع “الشعب يريد.. ويعرف ماذا يريد”… وقد خرجت من المحاورة ببعض الانطباعات منها:

1. في برهان بسيّس:

للتاريخ.. برهان بسيّس يملك بعض المعرفة التي ورثها من انتمائه إلى المدرسة الماركسيّة في زمن دراسته بالجامعة.. والماركسيّة مدرسة عريقة يتعلّم منتسبوها التفكير والجدل…

للتاريخ.. برهان بسيّس لديه لسانٌ لبِقٌ يحسن المحاورة وذكاءٌ محترمٌ يساعده على إدارة الحوار بفضل تكوينه الماركسيّ الأوّل قبل أن يزور زاوية المنجَز النوفمبري الإعجازيّ وينخرط في ترتيل أناجيلها…

للتاريخ.. برهان بسيّس لا تشفع له كفاياته المذكورة بأن يدير برنامجا جادّا يستفيد منه الناس لأنّه ليس أهل ثقة.. ومن افتقر إلى ثقة الناس فيه لم يطمئنّوا إلى ما يجتهد في إشاعته ولو جلب معه عصا موسى.. ولو أعلن توتبته بين يدي الكعبة…

للتاريخ.. لا أحد نسيَ كيف كان برهان بسيّس يجاهد بلسانه اللبق نفسِه في تلميع صورة “الرئيس بن علي” والعبارة له وفي تدبيج المديح لنظامه في اللحظة ذاتها التي كان أعوانه يقنصون المتظاهرين العُزّل في شوارع المدن التونسيّة في أيّام الثورة.. ومن باع ذمّته لقاء مالٍ لا جاهَ معه لا يمكن أن يشتغل بغير البيع.. بيع كلّ شيء.. ومن باع نفسه للمخلوع لا يمكن أن يقنع خالِعيه بأنّ خيرًا قد يُرجى منه…

للتاريخ.. في لحظة كانت فرائصه ترتعد والصُّفرةُ لونَ وجهه قال أمام الناس: “إذا رأيتموني منشغلا بالإعلام أو منخرطا في السياسة فأطلقوا عليّ الرصاص”.. ولكنّه لم يقاوم عادة البيع التي أدمنها.. ومن باع كلمتَه باع رقبته.. وفرّط في كلّ ما لَهُ…

للتاريخ.. لا يمكن لمن كان هكذا أن يقول للتاريخ شيئا ولا أن يلتفت إليه التاريخُ إلّا ازدراءً…

للتاريخ.. عاد برهان بسيّس مرّتَهُ الأخيرةَ إلى حضن رئيس الجمهوريّة الراحل الباجي قايد السبسي.. وورثه من بعده حضنُ ابنه حافظ قائد السبسيّ آمن به إيمانَه ببن علي من قبل.. لقد أدمن الفتى العيش في الأحضان.. لا ترضيه غير أحضان الرؤساء يقول لهم ما يعجزون عنه.. ويسعى فيهم بتمجيد لا يفيد…

للتاريخ.. لا يشغل برهانَ بسيِّسَ في برنامج “للتاريخ” من الأمر شاغل أكبر من “الإسلامويّين” يسأل عنهم محاوِرَهُ عسى أن يشفيَ غليلَه بنبوءة تقول بخسف الأرض بهم في قريب عاجل لا يقبل تأجيلا… ولعلّه لذلك لجأ إلى التاريخ وقد غادرته الأحضان واستوطنته الأحزان حتّى اشتعلت لحيته شيبا وخبا من عينيه ذيّاك البريق…

(يتبع)