شاي دار الضيافة…
محمد الهادي الجبالي
يبدو أن السيد رئيس الحكومة المكلف يصر على مواصلة إقامة حفلات الشاي، ويبدو أنه كالعشابين يعتقد في فوائده الجمة إلا أنه وبالرغم مما قيل في فوائد الشاي الكثيرة؛ كحرارته المنعشة ومضادته للأكسدة وتحفيزه للدماغ وتخفيضه لخطر الإصابة بأمراض القلب لم يستفد سيادته إلا من ميزتين أساسيتين للشاي؛ أحدهما مقاومته للشيخوخة إذ ظهر عليه سحنة من التشبيب بعد أن تخلص من ثقل الزمن على شاربيه وثانيهما الاسترخاء فاستلقى ومد ساقيه طلبا لإمهاله فترة إضافية لتشكيل حكومته…
وفقد يصبح الشاي معلما من معالم السياسة عندنا فكما كان للبنان “جنرال الشاي” الذي استضاف الضباط الصهاينة في ثكنة مرجعيون زمن حرب تموز بإكرام وفادتهم… أو “حزب الشاي” بأمريكا في عهد أوباما الذي طالب الحكومة بخفض الضرائب وتقليل الإنفاق الحكومي لتجاوز عجز الموازنة الفدرالية… قد يصبح لنا نحن “وزير الشاي الأكبر” أو رئيس “حكومة الشاي” الذي كان إجماع ضيوفه ومحاوريه على شايه أكبر من الإجماع عليه هو نفسه…
الثابت أن سيادته يزاحم الفقراء في فاكهتهم المفضلة التي لا تغيب عن موائدهم، إن بقيت لهم موائد بعد، ولم يعد يعنينا من أمر مفاوضاته شيئا إلا أخبار شايه ومن أي الأنواع هو، هل هو من النوع الرديء الذي تحتكر تجارته دولتنا العتيدة منذ الاستقلال فتمن به علينا بثمن “شعبي” وتشتري سكوتنا على غشها بعد أن ملأت الأكياس نشارة أغصان الشاي بدلا عن الشاي… أم هو شاي أحمد الفاخر الذي تجلبه شبكة التوزيع التي استفادت من فساد الدولة وضحكها علينا حينما فوتت فيها لبعض الأثرياء المقربين منها في لحظة غفلة منا ومن الزمن…
ولا نعلم إن كان هذا الشاي يسقى في كؤوس بلورية يسوقها “معمل نعسان” وتمتلؤ بها بيوت العامة من الناس والتي لا تختلف في جودتها عن كؤوس الكارتون “الجوتابل” أم أن سيادته يسكبها في فناجين الخزف الصيني الصغيرة التي لا تحمل إلا بإصبعي السبابة والإبهام لزوم الوجاهة و”الاتيكيت” باليمنى وفي اليسرى صحنها الصغير المزخرف بكل ألوان الزينة…
ولا ندري إن كان شايه “حاف” كما يحتسيه عموم أبناء شعبنا أم أن المكان والضيوف يفرضان عليه إضافة ما لذ وطاب من الفواكه الجافة التي نعرف والتي لا نعرف…
الثابت أن برودة سيادته لا توحي بأنه “مدمن شاي” بل تشي بأنه من مستهلكي المشروبات الغازية على أنغام أغنية “ما اشربش الشاي أشرب قازوزة أنا” لليلى نظمي وإلا لكان استفاد من حرارة الشاي المنعشة وحسم أمر حكومته مبكرا…