عــروبــــة

نور الدين الغيلوفي

يبدو لي أنّ التهارش سلوك عربيّ أصيل.. العرب لم يفلحوا في شيء، تاريخَهم، كما أفلحوا في التدابر وصناعة العراك و إنشاء الأيّام حتّى كانت أيّام العرب في الجاهليّة والإسلام لا تعني شيئا سوى زمن الاحتراب الذي توضع في وصفه القصص المشوّقة والقصائد المدبَّجة…

جاءهم الإسلام بمبادئ التوحيد فاستقبلوه ولم يتركوا عادة الهراش.. أمرهم بالحبل عاصما فقطعوه.. ومن سقيفة بني ساعدة أعادوا تأسيس أسباب احترابهم العتيقة حتّى انتهى بهم المطاف إلى أعلام متناسلين:

الشعوب من حولنا تفتنّ في تصريف فعل التقدّم وتغزل أيّامها من مستحيلات أحلامها.. ترغمها على الإمكان.. أمّا نحن، العرب البواقي، فمنشغلون بتنسيق معاجم لتدبير تهارش ذات بيننا.. وتعمير رؤوسنا بالنفي.. وبنفي النفي.. اختزلنا فصاحة اللسان العربيّ في التكفير والتخوين.. وفي كلّ ما لا يليق.. كأنّ الكفر عربيّ.. وكأنّ الخيانة عربيّة.. وكأنّ الفساد شجرة لا تخرج في أرض غير العرب…
سنظلّ نتدابر حتّى نكون أجدر الأمم بطوفان يجرفنا وأحقّها بريح صرصر تنسفنا…
لا تبقي منّا ولا تذر…

Exit mobile version