سكّان الرّبوة عليها قعود
نور الدين الغيلوفي
الذين يجلسون على الربوة في انتظار نهاية المعركة بين الكلوشارة والنائبة جميلة الكسيكسي، باعتبارها معركة بين حركة النهضة والحزب الوطنيّ الحرّ لا دخل لهم فيها، هؤلاء هم أشبه بتلك الحيوانات التي تكتفي بمشاهدة معركة بين وحشين تنتظر انجلاءها حتّى تتدخّل لتلتقط ما بقيَ لها من سَقَطٍ من آثارهما.. وفي أحسن أحوالهم هم مثل شهود الزور الذين لا يعرفون حقًّا ولا يسلكون سبيلا إليه…
صمتُ هؤلاء مُريب وإن لم يكن غريبا لأنّ ردّ فعلهم الأخرس إنّما يعبّر عن روح الديكتاتورية التي تسكنهم.. كلّ الفُرَقاء، في فهمهم، على ضلال وهم وحدهم على جادّة الصواب.. لذلك فهم ينتظرون زوال جميع الفرقاء المتصارعين ليخلوَ لهم المجال وليحاججوا الناس بأنّهم هم وحدهم يملكون مفتاح الغرفة المكنونة للفرقة الناجية.. وما عِراك الآخرين سوى دليل على صوابهم وحدهم وتعبير عن سلامة نهجهم دون غيرهم…
يُحسَب للنائبة سامية عبّو وللنائب فرحات الراجحي من حزب التيّار الديمقراطيّ أنّهما وقفا موقف شهامة بتعبيرهما عن إدانة الكلوشارة وأعوانها وقد أمعنوا في إهانة مجلس نوّاب الشعب وإهانة الدولة ومؤسّساتها.. وإهانة شعب الناخبين بأسره…
وهؤلاء الكلوشارات لمّا أقدموا على ما أقدموا عليه إنّما كانوا يراهنون على أن يترك النهضَةَ خصومُها وحدها في معركتهم ضدّها.. وقد كانت الأطراف الساكتة، فعلا، عند حسن ظنّ الكلوشارة بها عندما اكتفوا بالجلوس فوق الربوة يرقبون المهزلة كأنّها لا تعنيهم.. ويصوّرونها معركة بين حركة النهضة وحزب الكلوشارة..
وهبْها كذلك.. أيُّ الفريقين أولى أن ينحازوا إليه؟ أوَليست الكلوشارة تسعى في مضرّة الجميع بلا استثناء؟ هل نسي هؤلاء أنّها سليلة النظام الذي خرجوا ضدّه رفقةَ خصومهم أبناء النهضة وبناتها؟ ألم يخرجوا ضدّه؟
لقد غاب عن هؤلاء أنّ الكلوشارات لو نجحوا في مساعيهم وعبثوا بالسلطة التشريعيّة فسيكونون هم، غدًا، عشاء لهم دسما في غياب نهضة طالما تجرّعت السموم عوضًا عنهم.. وكانوا يكبرون…
لن يكبر هؤلاء ما دام كرههم للنهضة أكبر من حبّهم للوطن.