عماد الدائمي
قبل أيام التقى رئيس حكومة تصريف الأعمال يوسف الشاهد برئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد شوقي الطبيب.. وتم تناقل تصريح للشاهد في أعقاب اللقاء يعلن فيه أنه سيقوم بإصدار الأوامر الترتيبية المتعلقة بالهيئة في أجل أقصاه 15 ديسمبر.. ومرّ ذلك التصريح دون اثارة اهتمام أي كان رغم ما فيه من أبعاد خطيرة لم ينتبه إليها المتابعون..
اسمحوا لي أن أوضح سبب هذا الاهتمام المفاجئ بهيئة مكافحة الفساد وهذا القرار الذي جاء في آخر أيام حكم دام ثلاث سنوات كاملة للشاهد.. وتكليف برئاسة الهيئة دام ثلاث سنوات كذلك للعميد شوقي الطبيب..
هذا القرار ليس صحوة ضمير للشاهد ولا عربون حسن نية ولا رغبة في ترك اسمه في التاريخ.. ولا هو أيضا نتيجة جهد في الإقناع من طرف العميد الذي لم يقم بأي جهد من أجل ذلك في السابق..
تعالوا نرى الأوامر التي تحدث عنها يوسف الشاهد حتى نفهم سبب الحرص المتأخر:
هما أمران جاء ذكرهما في الفصلين 22 و24 من المرسوم الإطاري عدد 120 لسنة 2011 المؤرخ في 14 نوفمبر 2011 المتعلق بمكافحة الفساد.
- الأمر الأول هو أمر تعيين جهاز الوقاية والتقصي المتكون من رئيس الهيئة وأعضاء لا يقل عددهم عن عشرة يعينون بناء على اقتراح من الحكومة من بين الخبراء المشهود لهم بالنزاهة والكفاءة في اختصاصات القانون والمالية ومراقبة الحسابات والجباية والشؤون العقارية وغيرها من الاختصاصات ذات العلاقة بمهام الهيئة.
- والأمر الثاني يتعلق بتحديد الامتيازات والمنح التي يتمتع بها أعضاء ذلك الجهاز.
تصوروا أن مثل هذا الجهاز الرهيب ظل معطلًا طيلة السنوات الماضية بتواطؤ بين الحكومة ورئيس الهيئة .. ويريد الشخصان اليوم إرساءه قبيل مغادرتهما لمهامهما بأيام معدودة !!!
العملية واضحة.. استباق لأي تغيير على رأس الهيئة ووضع اليد عليها بتركيبة للجهاز تخدم مصالح المنظومة.. تركيبة تحمي مصالح الجهات المتنفذة وتواصل سياسة “الحرب الانتقائية ضد الفساد”..
فضيحة حقيقية ستسجل على رئيس الهيئة الذي عطل إحداث الجهاز لسنوات، حتى لا يشاركه تسيير الهيئة، أو على الأقل قبل بالعمل من دونه بما أفقده أهم أداة فعالة في مكافحة الفساد، والذي يترك اليوم المجال لاختيار أعضاء ذلك الجهاز لرئيس حكومة مغادر مرتبط بلوبيات مصلحة ولم يظهر أي جدية في محاربة الفساد أثناء فترة حكمه..
نداء جديد الى رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس نواب الشعب ورئيس الحكومة المكلف، بالضغط على يوسف الشاهد لترك مسؤولية اختيار أعضاء جهاز الوقاية والتقصي إلى الحكومة الجديدة. حتى تتحمل مسؤوليتها في آداء الجهاز المعين في المعركة ضد الفساد في الفترة القادمة..
وصدق المثل الذي يقول “لمن تشكو حبة القمح إذا كان القاضي دجاجة”..