نور الدين الغيلوفي
أن تصرخ بإدانة الفساد لا يكفي حتّى يطّلع منك الناس على ما خفِيَ.. وما خفيَ كان أعظم…
إذا علا صراخ بعضهم فقد يكون ذلك لحجب أمر يخشى انكشافَه ودرء حقيقة لا يريد لها أن تُعلَمَ…
انظروا حولكم..
سرائر كثير من الناس بعيدة عن سِيَرِهم الظاهرة.. بل هم قد يسيرون في علنهم بضدّ ما يُسرّون.. ولا يعلمون ميعاد انكشافهم وافتضاح أمرهم.. لذلك يدعو العقلاء الله، دوما، بالحفظ وبالوقاية من الفضح…
المشكلة أنّ بعض ساكني الزجاج يحملون بجيوبهم وبأيديهم حجارة متفاوتة الأحجام يرجمون بها من يعترضهم ومن لا يعترضهم.. وقد غاب عنهم أن يأتيَ عليهم يوم يكونون فيه حصائد ما زرعوا ومرمى للراجمات.. وإنّه ليس أغبى من امرئ ستره الله فسعى في الناس يهرشهم وفي أعراضهم يهتكها.. أموال الدنيا لن تسعفه بخرقة يستر بها سوأته…
بعض الأوغاد، لمّا واتتهم اللحظة ووافقتهم الفرصة انسكبوا على الناس مياهًا عكرة تُوحل ونسوا أنّ الحرية التي جعلت لهم ألسنتهم الحداد التي سخّروها لأذى الناس يأتي عليها يوم تجعل منهم أهدافا لرّماة لم يحسبوا لهم حسابا.. الحرية خطر على كلّ ظالم وإن طالت مظالمُه ووقاية لكلّ مظلوم وإن ثقلت مظلمتُه…
ما جرى على المخلوع وآله سيجري، وإن طال السفر، على أعوان الظلم ومواعين الفساد آجلا أو عاجلا.. سيأتي دور الفاسدين من إعلاميين وسياسيين ونقابيين ورجال أعمال وزعماء عصابات.. ستجرّهم الحرية إلى مربّعها ومربّعها سمس حارقة كاشفة..
الحرية ماء زلال.. والماء متى انهمر كان منه الريّ.. وكان منه التطهير.. وكان منه الجَرف.. وكان منه زوال الغثاء…
الحرية أمضى المضاء وأعلى من الصراخ وأخطر من الاستقواء بالقوى هنا وهناك وفي كلّ مكان…
كثير من الناس يعلمون الكثير عن الناس. وسيدخل هؤلاء وهؤلاء جميعهم من باب الحرية وستظلّهم سماء الحقيقة.. وسيقال الكثير.. وسيماز في الآتي القريبِ الجدُّ من اللعبِ…