في رثاء مليون ونصف مليون فقير

كمال الشارني

ظاهرة غريبة لاحظتها لدى الكثير من المنتسبين إلى مهنة الصحافة والإعلام، وهي توقف وعيهم المهني عند نص “الأرملة المرضع” للشاعر معروف الرصافي والتي كانت ممرا إجباريا للدراسة في الابتدائي، يعني كلما فتح أحدهم عينيه على حالة اجتماعية مثل الفقر أو المرض، يعيد لنا كتابة صور الأرملة المرضع متعاطفا معها لأنها الصور الوحيدة التي بقيت في ذهنه بفعل عصا المعلم،

أي خويا، عندنا مليون ونصف مليون فقير بالمعنى العالمي للفقر، هل سنكتب في كل واحد منهم قصيدة رثاء وتعاطف ودعوة المحسنين إلى المساعدة وجمع البطاطن والحشايا بحضور الكاميرا؟ أم نتدرب على طرح الأسئلة الحقيقية حول أسباب الفقر وحول حدود خدمات الدولة الوطنية ؟

الأرملة المرضعة لمعروف الرصافي

لَقِيتُها لَيْتَنِـي مَا كُنْتُ أَلْقَاهَـا •• تَمْشِي وَقَدْ أَثْقَلَ الإمْلاقُ مَمْشَاهَـا

أَثْوَابُـهَا رَثَّـةٌ والرِّجْلُ حَافِيَـةٌ •• وَالدَّمْعُ تَذْرِفُهُ في الخَدِّ عَيْنَاهَـا

بَكَتْ مِنَ الفَقْرِ فَاحْمَرَّتْ مَدَامِعُهَا •• وَاصْفَرَّ كَالوَرْسِ مِنْ جُوعٍ مُحَيَّاهَـا

مَاتَ الذي كَانَ يَحْمِيهَا وَيُسْعِدُهَا •• فَالدَّهْرُ مِنْ بَعْدِهِ بِالفَقْرِ أَشْقَاهَـا

المَوْتُ أَفْجَعَهَـا وَالفَقْرُ أَوْجَعَهَا •• وَالهَمُّ أَنْحَلَهَا وَالغَمُّ أَضْنَاهَـا

Exit mobile version