يبدو أن معرفة الحقيقة آخر الاهتمامات

زهير إسماعيل

يتواصل تغاضي الإعلام (لا يحتاج إلى صفة) في أهمّ منصاته، عن قضيّة الوردانين. وكانت هناك استثناءات قليلة لم تستطع أن تجعل من ملف الوردانين في صدارة الاهتمام وقضيّة رأي عام ومشغل وطني.

وفي مقابل ذلك يُعمد إلى تقديم قضايا أخرى، والتحقيق في حيثياتها والتدقيق في تفاصيلها، إلى درجة ارتكاب “أخطاء مهنية” (أمس على أمواج موزاييك)، لا نراها إلاّ إمعانا في شدّ الرأي العام أكثر إلى ما تراه هذه المنصات الإعلامية أولوية، ولا شيء يمنع أن تكون “الأخطاء المهنية” مقصودة لاستدامة حضور الموضوع ووظيفة التغطية على غيره… وعن الهيكا حدّث ولا حرج…
المطلوب ليس السكوت عن مثل هذه الحرائق (جريمة الملهى) أو تأجيل الحديث عنها، وإنما بإعطائها حجمها الطبيعي، خاصة إذا تزامنت أو تلت قضية أخطر منها،
مثلما هو الحال في قضية الوردانين وتعلقها بمسائل في غاية الخطورة تتقاطع كلها في موضوع الأمن القومي.

فملف الوردانين يفتح سبلا إلى أخطر القضايا التي مثّلت تجاذبا سياسيا عنيفا منذ سنوات، وأدمت تجربة الانتقال، وأهمها :

الدولة معنيّة قبل غيرها، فهي المستهدف من كل هذا، ولذلك فإنّ مؤسسة القضاء ومجلس الأمن القومي في رئاسة الجمهورية، والبرلمان من خلال “لجنة التحقيق حول شبكات تسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتّر” التي لم تُخرج تقريرها، وأجهزة مكافحة الإرهاب في المؤسسة الأمنية.. كل هذه الجهات معنية مجتمعة (ضرورة عملها المشترك)… إلى جانب الأحزاب والمجتمع المدني ومنظماته الحقوقية والاجتماعية… وكان منتظرا من هيئة الدفاع عن الشهيدين بأن تكون الأسرع إلى التفاعل مع قضية الوردانين والأحرص على أن تكون قضية وطنيّة، فالهيئة الباحثة عن “جهاز سرّي بالقوّة” هي اليوم أمام “جهاز سري بالفعل”.

ولكن يبدو أن معرفة الحقيقة آخر الاهتمامات.

Exit mobile version