نور الدين الغيلوفي
“خلاصة حديث العميد هشام المؤدّب على قناة حنّبعل”
العميد هشام المؤدّب رجل أمن متقاعد.. كان ناطقا رسميّا باسم وزارة الداخليّة.. يجيد الحديث.. واسع الاطّلاع.. يملك المعلومة ويحسن التحليل وله مواقف واضحة لا يواريها كما يفعل السياسيون..
تحدّث في برنامج “يحدث في تونس” على قناة حنّبعل عن موضوع الوردانين وما يروج حوله من تصريحات تشغل الناس هذه الأيّام…
•••
سأنقل حديث الرجل ولن أتصرّف فيه إلّا بما يكون من أمر ترجمة كلامه إلى لغتي.. لا أكثر ولا أقلّ.. لمن يريد أن يطّلع على بعض الأمور كما يراها الرجل…
قال العميد:
الحالة الأمنيّة في بلادنا جيّدة مُطَمْئِنَة.. نحن من بين بلدان العالم الآمنة.. وهذا من شأنه أن يزيل الخوف على أمن البلاد…
تساءل فقال:
الاغتيالات السياسية والعمليات المسلحة التي شهدتها بلادنا هي في مصلحة من؟
ذكر مجموعة من العائلات المتنفذة اقتصاديا في تونس.. 7000 مليار أخذها هؤلاء ولم يعيدوها إلى الدولة وكان المخلوع يعمل على سنّ قوانين لإعفائهم من ديونهم.
قال إن بورقيبة وبن علي قد فرّطا في نصف الأراضي التي تركتها فرنسا للدولة التونسية عند خروجها.. مساحة تلك الأراضي 8400 ألف هكتار.. اليوم لم يبقَ منها سوى 4200 ألف هكتار.. وقد ذهب جزء من تلك المساحة إلى هؤلاء الأشخاص…
هؤلاء هم المتنفّذون الذين يمسكون بزمام الأمور السياسيّة والاقتصاديّة اليوم في تونس…
لطيّف و سطا هما من الحلقات الوسطى.. فوقهم حلقة تأمرهم وتحتهم حلقة يأمرونها..
الهدف بعد قيام الثورة: العمل على إزاحة لون سياسيّ بعينه عن السلطة.. التي يعتبرونها سلطتهم، باعتماد الاغتيالات وغيرها من الوسائل.
هناك ثلاث حلقات متماسكة تطوّق البلاد:
الأولى: تمثّلها قوى إقليمية وأجنبيّة تدعم بالمال والعتاد.
الثانية: تمثّلها قوى وسيطة (وسطاء) هي التي تصدر الأوامر.
الثالثة: الجهة التنفيذيّة.
البرنامج له وجهان:
وجه داخلي ووجه خارجيّ.
الوجه الخارجي: له ثلاثة أضلاع:
- ضلع خليجيّ به بلدان اثنان.
- ضلع ثان: بلد أوروبيّ صديق مقرّب جدّا إلى تونس.
- شخصيّة نافذة في إحدى بلدان الجوار.
هؤلاء الثلاثة جمعوا بين جهودهم (اللوجستيك- الاستخبارات- المال- السلاح)..
وهؤلاء هم الذين يقفون وراء العمليات التي شهدتها البلاد منذ 2012 من أجل شيطنة النهضة.
وجميع الاغتيالات التي حصلت تتنزّل ضمن هذا البرنامج.
القوى السياسية والاقتصادية تمسك بكلّ شيء وتتحكّم في كلّ شيء ولا تريد أن يتجاوزها شيء.
هل يؤثّر ذلك على المشهد السياسيّ اليوم؟
قال العميد: لماذا تمسّكت النهضة بحقّها في ترشيح رئيس الحكومة؟
لقد وجدت النهضة نفسها بين المطرقة والسندان.. فهي بين قوتين تتصارعان:
• قوّة وطنية ذات مصلحة اقتصادية مستفيدة من سياسة الدولة التي تعتني من البلاد بجهات دون أخرى كما يجري في دول العالم الثالث التي تدار فيها السياسة على قاعدة التفاوت الجهوي: غياب التوازن بين الخيرات وبين السكان.. ولمّا كان من شأن هذه السياسة أن تحدث اختلالا كان لا بدّ من “عُبّيثة” لتخويفهم من التحرّك لتعديل الميزان..
من هنا تأتي صناعة الإرهاب..
مناخ الخوف الذي يشيعه الإرهاب يساعد تلك الجهات على تمرير إجراءاتها وتطبيق برامجها “الظالمة”.
هؤلاء استهدفوا في برنامجهم لونا سياسيا وقد ساعدهم المناخ الدولي في حربه على الإرهاب الذي علّقوه برقبة الإسلام السياسيّ.. بذلك نفهم الاستهداف الدائم لحركة النهضة…
كلّ ذلك يساعدهم على التحكّم في المشهد السياسيّ لمواصلة سياستهم الاقتصادية السابقة خدمة لمصالحهم الاقتصاديّة ولمزيد جني الأرباح.
• قوى خارجية ترفض هذا التمشّي لأنّ من شأنه أن يثير الاحتقان والغضب وذلك يؤثّر عليهم بطريقة مباشرة..
تلك القوى الخارجيّة تستهدف المحافظة على مصالحها في بلادنا دون أن تدفع ثمنا لذلك…
– يدفعون أموالا طائلة لضرب منظومة القيم داخل البلاد.. لصياغة أخلاق للتونسيّين تساعدهم على عمليّة التحكّم فيهم.
– يستغلّون الدين لبسط السيطرة والنفوذ.. كذلك تفعل السعوديّة والإمارات.
بالعودة إلى سؤال:
“لماذا تمسّكت النهضة بحقّها في ترشيح رئيس الحكومة ؟”
قال العميد: القوى الخارجية تتصارع مع القوى الداخليّة.. صراع المصالح جعلها تختلف في تحديد الوسائل المستعمَلة لتحقيقها وتحديد الأشخاص الذين ينفّذون أهدافهم:
قال:
القوى الخارجية: رشحت مروان العبّاسي محافظ البنك المركزيّ لرئاسة الحكومة.
القوى الداخليّة: رشّحت مصطفى بن جعفر لرئاسة الحكومة.
لمّا رأت حركة النهضة ذلك وتبيّنت لها حقيقة الصراع بين مركزي القوى تشبّثت بأن تكون هي من يرشّح رئيس الحكومة.. وإذن فليست نيّة النهضة أن تتغوّل في الحكم ولا أن تستأثر بالسلطة ولا أن تستبعد خصومها كما يروّج بعض هؤلاء عن جهل ربما أو عن معرفة.. المعركة تتجاوز الخصوم الذين انخرطوا في التهارش.
ثمّة مخاوف من أن تشهد البلاد انفجارا لثورة أخرى وهذا ممكن في ضوء مؤشّرات تقول إن العالم مقدم على أزمة اقتصاديّة في سنة 2020 ستنعكس آثارها على تونس.
تونس مهدَّدة من قوّة تدعمها الدوائر الأجنبيّة هي التي تسبّبت في المآسي ولا تزال تدفع باتّجاه اضطرابات يراد منها إفساد المسار بأكمله..
مطلوب هؤلاء ألّا تمضيَ تونس في تحقيق انتصارها.. وفي الآن ذاته لا يراد لها أن تغرق.. إذا نجحت تونس في استكمال تجربتها وبلغ الشعب قدرا من الرخاء ستنعتق البلاد وستكون نموذجا لغيرها من جهة ومن جهة أخرى سيكون بوسعها أن تتجرّأ على الدوائر المتحكّمة في القرار الدولي ربّما.. ويكون لها من “إسرائيل” موقف مربك لغيرها…
هذه القوى التي تتربّص بالتجربة التونسيّة لها:
- أذرع سياسيّة.
- أذرع مسلّحة.
- أذرع إعلاميّة.
(والعهدة على العميد هشام المؤدّب)