صالح التيزاوي
أبت سليلة نظام الإستبداد والفساد وخرّيجة الشُّعب إلّا أن تسجّل حضورها في عهدة برلمانيّة جديدة بعد ثورة الحرّيّة والكرامة بعرض مسرحي هزيل في منتهى السّخف، غايتها منه لفت الأنظار والظّهور بلباس المعارضين الأفذاذ. يقول التّونسيّون في أمثالهم الشّعبيّة “فاتتك ليلة الدخول يا مهبول”.. الزغراطة تدرك أنّ رفض أداء القسم والإمتناع عن أداء النّشيد الوطني كان يلقى بصاحبه في غيابات السّجون ويسلخ جلده ليتعلّم الوطنيّة ممّن هم أقلّ منه وطنيّة زمن الإبادة النوفمبريّة، ولكنّها تعمّدت الإساءة للجميع وتعمّدت العربدة على طريقة الصبّابة زمن العهر النّوفمبري، استنبحها مشهد برلماني متعدّد، من ثمار ثورة الحرّيّة والكرامة فهاجت على طريقة الدّوابّ، لعلمها أنّ الحرّيّة التي انتزعها الشّعب التّونسي لا تنصب مقصلة لأحد ولا تقصي أحد، حتّى وإن كانت زغراطة!!
تريد أن تلعب دور المناضلين لتعوّض شيئا من كرامة سفحتها تحت حذاء المخلوع وبين يدي حجّامته وهي تصيح “بن علي ما كيفو حد”.. مهما علا صوتك فلن تبلغي شرف مناضلة في زمن الحرّيّة، فالمناضلون اكتسبوا صلابتهم وعانقوا آدميّتهم بين المطارق والمشانق. أمّا اليوم فليس لنا قضاء يشتغل بالتّعليمات ولا سلطة تنفيذية، تستخدم أربعين ألفا من الصّبّابة أو يزيدون للتّجسّس على مواطنيها، وليس لدينا أجهزة قمعيّة، تنزع لحوم البشر وتفصلها لتصل إلى العظام فتطحنها، وليس لدينا رئيس ينتخب بنسبة 99٪ حتى الأموات يشاركون في انتخابه، وليس لنا برلمان من لون واحد كالذي كان عندما كنت زغراطة..
أقوى ما في بن علي أنّه لم يكن يقرّب منه من يشتمّ عليه رائحة الكرامة فأولئك يخشاهم ولا يرى لهم مكانا غير السّجون والمنافي لأنّهم لا يباركون جرائمه، وأقوى ما فيه أنّه عندما ينظر في أتباعه، يبعد حثالتهم عن أجهزة الدّولة ويننتدبهم للحشد الشّعبي والتصفيق وتلفيق التّهم وكلّ المهمّات القذرة، يتبعونه مثل ظلّه، وهذا ما ارتآه للزّغراطة، حتّى حفيت قدماها وضاقت عليها النْعال.. وقد تفوّقت الحارزة في هذا المجال وأظهرت كفاءة عالية، تكافئها غدوة أو عشوة على بقايا موائد الحجّامة.
دور النٍضال صعب أن تلعبه زغراطة وليس بالإمكان إدراكه حتّى بالنّواح الذي تستجدي به تعاطف الأزلام والأيتام، لم تفسدي على تونس فرحتها لأنّنا نتوقّع منك ذلك وأكثر، من المستبعد على أمثالك أن يصفّقوا لرياح التغيير، ولمناخات الحرّيّة.. أناملك لا تطاوعك في لحظات الكرامة. سجاح كذّابة التّاريخ كان أمامها آلاف الأخيار وآلاف الأطهار ولكن طبعها ومعدنها الرّخيص قادها إلى مسيلمة شبيهها في الكذب.