قُبلة ونجمة وطفلة

منجي الفرحاني

في العلبة وجدتّ فسحة أمل في زجاجة، الزجاجة في نجمة، النجمة في القهوة، القهوة عربيّة، العربيّة عيونها عسليّة وجلة…

ضحك حتّى كاد يعود عليه عقله وهو يتمرّغ بين مجزرة الكرامة المهجورة وجامع الرّحمة المتّكئ على الحانة وكشك الحريّة الذي اقتنت منه صاحبة المهندس المعماريّ الأحول جريدة صفراء لتمسح بها حذاءها الجديد الذي لطّخت ملامحه بنية المدينة التحتيّة المتخلّفة وهي تسبّ الغشّاشين وأحولها يقول: آمين.. ثمّ توقّف فجأة عن الضّحك المباح، أفسد ما استقام من هيئته، أهداني علبة طماطم قديمة خاوية من تشكيلته وغادر المشهد..

في العلبة وجدتّ فسحة أمل في زجاجة، الزجاجة في نجمة، النجمة في القهوة، القهوة عربيّة، العربيّة عيونها عسليّة وجلة.. ترشّفنا فسحة الأمل معا حتّى فرّ من عيونها الوجل ثمّ أهديتها النّجمة واكتفيت منها بقبلة.. سمعت صديقي البهلول يناديني أن أفق أيّها المجنون، أتقبّلها في القهوة؟!
قلت: لا، بل جهارا في المقهى!
قال: يا ليتني ما أهديتك النّجمة! بل حسنا فعلت أنّني أهديتك العلبة.. هل وجدتّ الطّفلة؟
نظرت في قاع العلبة فرأيتها تبتسم لي ولرفيقتي.. تلك الوديعة الجميلة المفعمة براءة، تلك الشقيّة الصّغيرة، تلك التي قالت يوما عندما اعترضتني ذات صباح مع أمّها:
– سبيه سعلك كسلودة؟

نسيت من ظنّوا أنّهم الممسكون لسقف السّماء كي لا يقع على رؤوس الأشهاد وعزمت على ألاّ أوقف القبلة ولا الطّفلة ولا النّجمة…

☕ المنجي الفرحاني

Exit mobile version