القلب والكلاب !

بشير العبيدي

#بالفلفل_الحار
أقول لقرائي العرب الأكارم، اليوم ستفوح من أسطري “تونسيتي”، أخرجها من قاع الخابية. لا تقلقوا. مقالة وتمرّ.
في نهاية المطاف، تبيّن أنّ أذكى حزب في تونس، هو الحزب الذي سمّى نفسه “قلب تونس”!
وعلى الرّغم من كون مستوى زعيم حزب “قلب تونس” في ميدان الفصاحة العربيّة، يضاهي مستوى حزبي “التيّار” و “الشعب” -مجتمعين- في فنّ السياسة، فقد أصاب كبد الصواب بتسمية حزبه بـ “قلب تونس”!

فكلمة “قلب” في اللسان العربي المبين، جاءت من فعل “قَلَبَ” ومن “تقلّب” و”تشقلب” و”قالب” وغير ذلك، والدلالة تحيل إلى التبدّل والتغيّر والتحوّل، وكأنه يشير إلى حقيقة السّياسة أنّها تتقلّب وتتحوّل بين العشية وضحاها !

أمّا عن فساد زعيم هذا الحزب وعلاقاته المشبوهة والمفضوحة بدوائر الاستخراب الداخلي والخارجي المتصهين، فهي إضافة نوعية لتسمية “قلب تونس”! وهي إشارة شاعرية رومانسية إلى كون هذا الخراب الفكري والأخلاقي والاقتصادي ليس يوجد في أطراف تونس ولا في أكنافها فحسب … بل في قلبها أصلا ! وهذا يخبرنا أن الجسد مصاب في الصميم…

المشكلة الوحيدة في تسمية هذا الحزب هي في نطق الاسم باللغات الأوروبية والأعجميةً عموما ! أغلب الأعاجم ليس عندهم حرف القاف، فيستخدمون حرف الكاف بديلا. لذلك، يلفظ “قلب تونس” (Kalb Tounes)، أي: كلب تونس ! بيد أنّ هذه ليست مشكلة إطلاقا في نظري! فكلّ واحد منّا -نحن معشر البشر- كلب في عين الآخر، ونحن جميعاً كلاب في عيون كلاب أخرى. من منا لم يسمع أو لم يطلق عن جاره أو منافسه أو غريمه وصف “كلب بن كلب”؟ أليس ذلك يا أولاد… شحيبر؟ كلّنا كلاب، إذا استثنينا الثورانيين الأطهار.

ثم بعد، فالكلب محمود في الوفاء، وله مكانته المحترمة في القرآن، رغم عيب اللهاث. فأصحاب الكهف كلبهم باسط ذراعيه بالوصيد، في مشهد يقطر جمالًا وجلالا !

وحين نسقط عين المشهد عندنا في تونس، سنرى أصحاب الكهف الأيديولوجي والثورانيين الطهرانيين مازالوا نائمين في كهفهم… وتقلّبهم الأحداث التي تجاوزتهم وتجاوزهم الناس… وتطلع عليهم شمس الحقيقة وتغيب وهم في سبات… و”كلب” تونس باسط ذراعيه يراقبهم وينتظر استفاقتهم – وبالتأكيد لاحظتم التقليب ههنا، من قلّب يقلّب تقليب… وغير بعيد عن القلب… والكلب ! وهنا قمّة البلاغة العربية في المشهد الكهفي التونسي، مع وجود حركة القلب… حذو الكلب… في الكهف الأيديلوجي!

حزب “قلب تونس”، كلب تونس بالأعجمي، تحالف مع “حزب النهضة”، و”خان” حزب “قلب تونس” أنصاره لأنه وعدهم بعدم التحالف مع “كلاب الخوانجية”، وفعلها ابن الكلب ! وهذا عادي، فهو قلب السترة كما يتقلّب كلّ قلب ! وبذلك فهو منسجم تمامًا مع نفسه، مثل انسجام حزب النهضة الذي وعد كلابه بعدم التحالف مع كلاب قلب تونس، وفعلها، الكلب بن الكلب !

لماذا فعلها حزب النهضة الكلب؟؟؟ إنّه منسجم مع نفسه -هو الآخر- لأنّه أراد التحالف مع كلاب “حزب الثورانية” وكلاب “حزب الطهرانية”، فأنقلبا عليه، لأنهما -على الرغم من زعمهم بثورانيتهم وطهرانيتهم- حقيقتهم أنهم نطفة كلبية وضعت في ثفر كلبة، ولذلك فلهم نفس المورّثات الحيوية مثل “قلب تونس” ولو حلفوا بسيدي محرز بن خلف وسيدي بن عروس وسيدي أبي سعيد الباجي أنّهم لا نسب لهم مع الكلاب!

كلهم كلاب، وكلّنا ! الفارق الوحيد أنّ الحزبين المذكورين مازالا في كهفهما يمارسان العادة السرّية الأيديلوجية التي بيّتوها بليل، وهي الاستفاقة من الكهف في اللحظة الحرجة والسبق للتحالف مع “الكلب”، لكن كلب تونس كان أذكى: لقد كان الكلب القابع بقرب مرقدهم مستيقظا، ولم يرقد على آذانه، وفضّل التحالف مع كبير “الكلاب” لأنّه فهم أنّ التحالف مع صغار الجراء غير مضمونة، لقلة خبرتهم في التقلّب ! ومن يريد قضاء الحوائج يقصد كبار الحومة.

وكتبه بشير العبيدي، كلب تونسي يسكن في باريس!

ملاحظة : الكلب الذي يقول لي “حاشاك أستاذ” سأحذفه وأحظره من قائمتي ! لأن الحذف والحظر هي السلطة الوحيدة اليتيمة التي بقيت في أيدي “الكلاب” من أمثالي، فالسلطة العظمى صارت عند الثورانيين والطهرانيين، وثورانيتهم وطهرانيتهم منعتهم من الاقتراب منّا، وقالوا : لا تشبهوننا، فأجبرونا – أولاد الـ … على التفاهم مع الكلاب من أمثالنا، وقد كنّا عنهم في غنى ! كم كنا نرنو طرد الكلاب السائبة من تونس، فأجبرنا الصّغار عَلى استبقائهم، أولاد الكلب!

الآن، امسكوا بذيل الكلب حتى يقطع بكم الوادي…

✍🏽 #بشير_العبيدي | ربيع الأول 1441 | كَلِمةٌ تَدْفَعُ ألَمًا وكَلِمةٌ تَصْنَعُ أمَلًا|

Exit mobile version