العصيدة … والعقيدة !
بشير العبيدي
تحرّمون علينا – كلّ ربيع أوّل – أكل العصيدة في المولد؟! لا أمّ لكم !
ماذا أملك لكم إن كُنتُم لا تفهمون في العصائد والعصائر، ولا تتذوّقون أصنافها، خصوصا تلك التي يتّخذها الناس في تونس من مسحوق حبّ الصنوبر الأسمر، وفوقه طبقات الكريمة بلونها الصوفيّ الرائع، وعليه حلّة قشيبة من ألباب البندق والفستق واللوز والجوز، يجاوره ملبّس الحلوى بألوان الزّهر والزمرّد والجوهر والفيروز والياقوت والكهرمان؟!
تحرّمون علينا – كلّ رمضان – بهجة الصّيام بسبب عمشكم عن تقدير الأهلّة!؟ لا اكتمل لفكركم بدر !
ماذا أقدر لكم إذا كان الوسواس الخنّاس قد حرّم على عقولكم نشوة الانسجام وأبطل في غددكم إفرازات تُحدِث لكم لذّة أن تروْا الناس مجتمعين على يوم عيد واحد في المشارق والمغارب، يستطيبون طعم اجتماع الكلمة ونبذ الفرقة وإقامة الشعيرة؟! قطع الله عنكم الشعير قبل الحنطة !
تحرّمون علينا – دبر الصّلاة – الاجتماع على الدّعاء !؟ لا تمّت لاجتماعكم حلقة!
ماذا عساي أن أقنعكم به وقد أسدل الغباء أستاره على بصائركم، حتّى صرنا معكم، من بين الأشياء، أنّا نتقرّب إلى الله بأن نعدم مذامّكم، ولا نتودّد إليه بسماع محامدكم !
ها أنتم أولئك لا ترون أنّ العصائد تحمّنا ولا الأعياد تلمّنا ولا الصلوات تضمّنا ! أتراكم تنتظرون المقابر أن تكُمّنا أم البرزخ أن يجمّنا!؟
أخبروني، لا أمّ لكم!؟ هل أخذتكم بالنّاس المحتفلين بمولد أم برمضان أم بمدائح المدّاح شفقة من أن يكونوا وقوداً للحطمة ؟ أم هل بكم حرقة ثدي المرضع تبغي إرضاع وليدها؟!
وإن يعجب المرء من عجبٍ، فعجبه من أمركم عُجاب ! فأنتم تدعون أهل الكفر يرفلون في كفرهم، وتقرّون المنافقين على نفاقهم وترضونهم كمثل رضا العبد بنزوات سيّده، وتغضّون الطرف عن المتطّرّفين وقد عاثوا في أطراف البلاد وأكناف العباد، وتتعامون عمّن اتخذوا رأس السّنة الميلادية – وذيلها معها – عيداً وقدّاساً يشربون فيه بنت العنبة بكلّ ألوانها، وينكحون ما طاب وما خاب من ذوات الكعب ومن جراء الكلاب، ويستهلكون ما ملك وما هلك من القات والقنّب والأيفون والهيروئين والكيتامين والكوكائين والأنفيتامين، فتراكم تتركون كلّ هؤلاء آمنين في سربهم، ثمّ لا تتحرّك لكم شعرة معاوية ولا ينبس لكم لسان الحجّاج بن يوسف ولا يخرج لكم سيف الباي أبي بالة(*) من غمده إلا حين نطبخ نحن العصيدة اللذيذة؛ نتّخذها من مسحوق لبّ الصنوبر يوم المولد النبوي، وفوق عصيدتنا طبقات – يام يام – من الكريمة بلونها الصوفيّ الرائع، وعليه من ألباب البندق والفستق واللوز والجوز، يجاوره ملبّس الحلوى بألوان الزّهر والزمرّد والجوهر والفيروز والياقوت والكهرمان؟! هل العصيدة عندكم عقيدة؟
والله لا تكونون إلا من أولاد شحيبر !
افرنقعوا عنّا ودعوا الناس وشأنهم…
فليس الفكر المزوّر الذي يفرّق اجتماع المتآلفين ويتغاضى عن جرم المجرمين إلا – أكرمكم الله – كقيء كلب في قحف قرد !
افرنقعوا عنّا ! تبّا !
(*) الباي بوبالة : أشهر سفاح في تاريخ تونس، في العهد العثماني، وهذا خبره كاملا، في هذا الرابط : https://urlz.fr/aZgJ
✍🏽 #بشير_العبيدي | ربيع الأول 1441 | كَلِمةٌ تَدْفَعُ ألَمًا وكَلِمةٌ تَصْنَعُ أمَلًا|